رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ) (١) بل كلّ مؤمن متفقّه إماما ، كما قال : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (٢) وسيجيء أنّ إبراهيم ـ عليهالسلام ـ كان نبيّا ورسولا وخليلا ومن اولي العزم صاحب كتاب وشريعة قبل أن يكون إماما.
فمن الواضح حينئذ انّ حقيقة الإمامة غير حقيقة النبوّة والرسالة ، وغير الهداية العامّة ببيان المعارف والمسائل ، لكنّا نجده سبحانه كلّما تعرّض لمعنى الإمامة ، تعرّض للهداية تعرّض التفسير ، قال سبحانه : (وَوَهَبْنا لَهُ) أي لإبراهيم ـ عليهالسلام ـ (إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ* وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) (٣) وقال سبحانه : (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ) (٤) فوصفها بالهداية وقيّدها بالأمر ، وقد عرفت معنى أمره ، والإمام هو الذي يقتدى به.
فالإمام يهدي بأمر ملكوتيّ يصاحبه ، فالإمامة نحو ولاية للناس في أعمالهم وهدايته أيصاله إيّاهم إلى المطلوب ، دون مجرّد إراءة الطريق الذي هو شأن النبيّ والرسول ، وكلّ مؤمن يهدي إلى الله سبحانه.
ثمّ إنّه سبحانه بيّن سبب إفاضة الإمامة بقوله : (لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ) (٥) فأبان أنّ الملاك في ذلك صبرهم وكونهم قبل ذلك موقنين ، وذكر سبحانه في قصص إبراهيم ـ عليهالسلام ـ فقال : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ
__________________
(١). النساء (٤) : ٦٤.
(٢). التوبة (٩) : ١٢٢.
(٣). الأنبياء (٢١) : ٧٢ ـ ٧٣.
(٤). السجدة (٣٢) : ٢٤.
(٥). السجدة (٣٢) : ٢٤.