السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (١) والآية ـ كما ترى ـ تعطي بظاهرها أنّ اراءة الملكوت له ـ عليهالسلام ـ ، كانت مقدّمة لإفاضة اليقين عليه ، ويتبيّن به أنّ اليقين يوجب مشاهدة الملكوت ، كما يظهر من قوله سبحانه أيضا : (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ* لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) ، (٢) وقوله : (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ* وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ* كِتابٌ مَرْقُومٌ* يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) (٣) فالإمام يجب أن يكون رجلا ذا يقين مكشوفا له عالم الملكوت ، متحقّقا بكلمات من الله سبحانه.
وقد ظهر من قوله سبحانه : (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) (٤) وقوله : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٥) أنّ هذه الموجودات التدريجيّة الوجود ـ التي عندنا ـ لوجود كلّ واحد منها وجهان : وجه أمريّ غير تدريجيّ ووجه خلقيّ تدريجيّ ، وله الخلق والأمر ، والإمام هاد بأمره سبحانه ، فكلّ ما يتعلّق به أمر الهداية ، فللإمام وجهه الأمريّ وباطنه وحقيقته ، فللإمام أمر الهداية ، فافهم.
ووجها «الأمر والخلق» وإن كانا وجهين مختلفين حقيقة ، إلّا أنّ الشيء ليس له إلّا وجود واحد في الخارج ، فهذا الوجود الواحد ذو وجهين ، وأحد وجهيه ـ وهو الخلق ـ تابع لوجهه الآخر ؛ وهو الأمر الذي لله سبحانه.
والأعمال كسائر الأشياء في وجهيها ، فالإمام هو الذي يلحق به ويحضر عنده أعمال العباد خيرها وشرّها ، وهو المهيمن على السبيلين جميعا : سبيل
__________________
(١). الأنعام (٦) : ٧٥.
(٢). التكاثر (١٠٢) : ٥ ـ ٦.
(٣). المطففين (٨٣) : ١٨ ـ ٢١.
(٤). الرعد (١٣) : ١٦.
(٥). يس (٣٦) : ٨٢.