المخلوقين ومجالسته معهم ، واسمعه كلامي وكلام ملائكتي ، واعرّفه السرّ الذي سترته عن خلقي ، والبسه الحياء ، حتى يستحيي منه الخلق كلّهم ، ويمشي على الأرض مغفورا له ، وأجعل قلبه واعيا وبصيرا ، ولا اخفي عليه شيئا (١) من جنّة ولا نار ، واعرّفه ما يمرّ على الناس في القيامة من الهول والشدّة ، وما احاسب به الأغنياء والفقراء والجهّال والعلماء ، وانوّره في قبره ، وانزّل عليه منكرا ونكيرا حتى يسألاه ، ولا يرى غمّ الموت وظلمة القبر واللحد وهول المطّلع ، ثمّ أنصب له ميزانه وأنشر ديوانه ، ثمّ أضع كتابه في يمينه ، فيقرأه منشورا ، ثمّ لا أجعل بيني وبينه ترجمانا ، فهذه صفات المحبّين.
يا أحمد! اجعل همّك همّا واحدا ، واجعل لسانك لسانا واحدا ، واجعل بدنك حيّا لا يغفل أبدا ، من يغفل (٢) عنّي لم ابال في أيّ (٣) واد هلك». (٤)
وفي البحار عن الكافي والمعاني ونوادر الراوندي بأسانيد مختلفة عن الصادق والكاظم ـ عليهماالسلام ـ واللفظ المنقول هاهنا لما في الكافي ـ قال : «استقبل رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ حارثة بن مالك بن النعمان الأنصاري ، فقال له : كيف أنت يا حارثة بن مالك النعماني (٥)؟ فقال : يا رسول الله! مؤمن حقّا ، فقال له رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : لكلّ شيء حقيقة ، فما حقيقة قولك؟ فقال : يا رسول الله! عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي ، وأظمأت هواجري ، وكأنّي أنظر إلى عرش ربّي وقد وضع للحساب ، وكأنّي
__________________
(١). في المصدر : «شيء»
(٢). في المصدر : «غفل»
(٣). في المصدر : «لا ابال بأيّ»
(٤). ارشاد القلوب ١ : ٢٠٤ ـ ٢٠٥ ؛ بحار الأنوار ٧٤ : ٢٨ ـ ٢٩.
(٥). هذه الكلمة ليست في المصدر ، بل في بحار الأنوار.