يؤجّل له في الآخرة ، وإمّا أن يكفّر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا ، ما لم يدع بمأثم». (١)
وفي نهج البلاغة في وصيّة له ـ عليهالسلام ـ لابنه الحسين (٢) ـ عليهالسلام ـ : «ثمّ جعل في يديك مفاتيح خزائنه ، بما أذن لك فيه من مسألته ، فمتى شئت استفتحت بالدعاء أبواب نعمه ، واستمطرت شآبيب رحمته ، فلا يقنّطنّك إبطاء إجابته ؛ فإنّ العطيّة على قدر النيّة ، وربّما اخّرت عنك الإجابة ليكون ذلك أعظم لأجر السائل وأجزل لعطاء الآمل ، وربّما سألت الشيء فلا تؤتاه واوتيت خيرا منه عاجلا وآجلا ، أو صرف عنك لما هو خير لك ، فلربّ أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو أوتيته ، فلتكن مسألتك فيما يبقى لك جماله وينفى عنك وباله ، والمال لا يبقى لك ولا تبقى له». (٣)
وفي عدّة الداعي عن الباقر ـ عليهالسلام ـ : «ما بسط عبد يده إلى الله عزوجل إلّا استحيى الله أن يردّها صفرا ؛ حتّى يجعل فيها من فضله ورحمته ما يشاء ، فإذا دعا أحدكم فلا يردّ يده حتّى يمسح بها على رأسه ووجهه» في خبر آخر : «على وجهه وصدره». (٤)
أقول : الإنسان كثيرا ما يهتمّ ببعض منافعه ؛ حتّى إذا بلغه وجده ضارّا بما هو أنفع منه وأدرّ ، فترك الأوّل وأخذ بالثاني ، أو يهرب عن شيء حتّى إذا صادفه وجده أنفع ممّا كان يتحفّظ منه ، فأخذ الأوّل وترك الثاني ، فالصبيّ المريض إذا عرض عليه الدواء يأخذ بالبكاء وهو يريد الصحّة ، فهو بلسان الطبيعة يسأل
__________________
(١). عدّة الداعي : ٤٠.
(٢). في المصدر : «الحسن»
(٣). نهج البلاغة : الكتاب : ٢١.
(٤). عدّة الداعي : ٢١٠.