[إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)]
قوله سبحانه : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).
العبد هو المملوك من الإنسان أو كلّ ذي شعور بتجريد المعنى ، كما يعطيه قوله سبحانه : (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً)، (١) والعبادة مأخوذة منه ، وربّما تفرّقت اشتقاقاتها أو المعاني المستعملة هي فيها لاختلاف الموارد ، وما ذكره الجوهري في الصحاح أنّ أصل العبوديّة الخضوع (٢) فمن باب الأخذ باللازم ، إذ الخضوع متعدّ باللام ، والعبادة بنفسها ، فكأنّ العبادة نصب العبد نفسه في مقام المملوكيّة لربّه ، ولذلك كانت العبادة منافية للاستكبار ، كما قال سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ)، (٣) وغير منافية للاشتراك ، فمن الجائز أن يشترك أزيد من الواحد في عبادة واحد ، كما جاز أن يشتركوا في ملك رقبة ، قال سبحانه : (وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ
__________________
(١). مريم (١٩) : ٩٣.
(٢). الصحاح ٢ : ٥٠٣ ، مادّة «عبد».
(٣). غافر (٤٠) : ٦٠.