وقوله : (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً)
هو معنى تأييده عليهالسلام بروح القدس ، كما قال سبحانه : (إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً). (١)
وقوله : (وَمِنَ الصَّالِحِينَ)
قد مرّ معناه ، كما مرّ معنى «الكلمة» إذا نسب إلى الله تعالى وهو الوجود الطاهر عن ألواث المعاصي وكدورات الطبيعة.
واعلم أنّ هذه الآيات إلى آية المباهلة وما سبقها من قصّة مريم وولادتها ، تتكفّل إجمال القول في خلقة عيسى ـ عليهالسلام ـ وحياته وتوفّيه ، وهو ـ عليهالسلام ـ آية في خلقته وحياته وتوفّيه جميعا ، كما كان يكرّر لفظ الآية في كلامه ودعوته كما حكاه القرآن.
والمقام ـ وإن كان يقتضي الإطناب ـ كما يظهر من سياقها أنّها نزلت في محاجّة نصارى نجران ، وقد روى ذلك المفيد في الاختصاص عن محمّد بن المنكدر عن أبيه ، عن جدّه ، في حديث طويل ، (٢) غير أنّ تفصيل القول قد بيّنه تعالى فيما أنزله قبل هذه السورة من سورة مريم وغيرها. (٣)
وكيف كان ، فإنّا إذا تأمّلنا ما ذكره تعالى في خلقته عليهالسلام كقوله :
__________________
(١). المائدة (٥) : ١١٠.
(٢). الاختصاص : ١١٢.
(٣). اي قبل هذه السورة بحسب ترتيب النزول ، فإنّ سورة مريم ، السورة الرابع والأربعين وسورة آل عمران ، السورة التاسع والثمانين حسب ترتيب النزول على المشهور. [تاريخ القرآن ، للدكتور محمود رامياد : ٦٩٠ ـ ٦٩٦].