(فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) ، (١) إلى قوله : (إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا) ، (٢) وقوله تعالى : (فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا) ، (٣) وقوله تعالى : (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) ، (٤) وقوله تعالى : (وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) ، (٥) لاح لنا بادئ الأمر أنّه ـ عليهالسلام ـ كان روحا سماويّا غير أرضيّ ، ظاهرا في صورة إنسانيّة ، كما أنّ الآيات الظاهرة منه عليهالسلام من خلق الطير وإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص والإنباء عن المغيّبات ، كلّها امور روحيّة معنويّة ، غير أنّ ما يخبره سبحانه من حمل مريم به ووضعه وولادته ، إذ قال تعالى : (فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا* فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا* فَناداها مِنْ تَحْتِها) ، (٦) وما ذكره تعالى في آخر هذه الآيات بقوله : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ، يعطي أنّ خلقته كانت خلقة بشريّة ، وإنّما خرقت العادة في التناسل فتمّت من غير نطفة الذكور ، كما تمّت خلقة آدم من غير نطفة ، وإنّما حقيقة كونه ـ عليهالسلام ـ روحا منفوخا من روح ثمّ مؤيّدا بروح القدس ، عدم تأثير الخليط الأرضي في روحه وبقائه على طهارته ونزاهته الأصليّة السماويّة ، وهو الفارق بينه وبين آدم ـ عليهالسلام ـ ، فهو من
__________________
(١). مريم (١٩) : ١٧.
(٢). مريم (١٩) : ١٩.
(٣). الأنبياء (٢١) : ٩١.
(٤). النساء (٤) : ١٧١.
(٥). البقرة (٢) : ٨٧.
(٦). مريم (١٩) : ٢٢ ـ ٢٤.