ويمتاز العنديّة المنسوبة إليه تعالى عن العنديّة المنسوبة إلى غيره بالأحكام ، وإن كانت الحقيقة تدور مدار ما ذكرناه أوّلا ، قال سبحانه : (بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ) ، (١) وقال : (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ) ، (٢) وقال : (فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ) ، (٣) وقال : (وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ). (٤) وقال تعالى : (مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ) ، (٥) وقال : (فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ) ، (٦) وقال : (هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ) ، (٧) إلى غير ذلك.
وعلى هذا ـ أعني الإمتياز بالحكم ـ يؤول الأمر إلى اعتبار الإستقلال الظاهري في الأسباب والفقر الذاتي فيها المستند إلى الغنى الذاتي عنده تعالى ، فكلّ حكم يرجع عند التحليل إلى الأعدام والنقائص ، فهو عند غيره تعالى ، وما يرجع إلى الكمال والبهاء فهو عنده تعالى بالذات ، وعند غيره بالعرض فيما يصحّ فيه اعتبارهما معا ، فافهم ذلك.
وممّا بالذات : قوله تعالى : (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) ، ومنهما معا : قوله : (وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ). (٨)
وظاهر أنّ ما بالعرض من المعنى يصحّ فيه الإيجاب والسلب معا باعتبارين ،
__________________
(١). آل عمران (٣) : ١٦٩.
(٢). الزمر (٣٩) : ٣٤.
(٣). فصّلت (٤١) : ٣٨.
(٤). ق (٥٠) : ٤.
(٥). البقرة (٢) : ١٤٠.
(٦). النساء (٤) : ٨١.
(٧). الأنعام (٦) : ١٤٨.
(٨). التحريم (٦٦) : ٤.