أقول : وجه ذلك أنّه تعالى إنّما فرّع المغفرة في كلامه على أداء الفرائض ، بخلاف دخول الجنّة ، فتتبّع.
قوله سبحانه : (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ)
في المجمع عن النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ أنّه سئل : إذا كانت الجنّة عرضها السماوات والأرض ، (١) فأين تكون النار؟ [فجوابه : أنه روي أنّ النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ سئل عن ذلك ،] فقال ـ صلىاللهعليهوآله ـ : «سبحان الله ، إذا جاء النهار فأين الليل»؟ (٢)
أقول : الليل : هو الظلمة الحاصلة في الأرض ـ مثلا ـ من فقدان مسامتة الشمس وهو ظلّ مخروطيّ قاعدته أقلّ من سطح نصف كرة الأرض على ما بيّن في المناظر ، ويدور على الأرض دائما بحسب الحسّ ، وإن كان بحسب الحقيقة عدما للضوء الشمسي ، والنسبة بينهما نسبة العدم والملكة.
وقوله : «إذا جاء النهار فأين الليل؟» لا ينفي ذلك ، كيف! والقرآن يثبته ، وضرورة الحسّ تشهد به ، وإنّما مصبّ كلامه ـ صلىاللهعليهوآله ـ ووجهه عدم المزاحمة بينهما مع الإستيعاب كما سيتّضح ، والشبهة وإن لم يكن لها وقع بحسب الاصول البرهانيّة ، لكنّ الذي يمسّ المقام حلّها بحسب ما يستفاد من كلامه تعالى على ما يلائم الغرض من الكتاب.
بيان ذلك أنّ المبعوث المحشور في الآخرة وإن كان هو الإنسان نفسه الذي في الدنيا ، لكنّ الذي يعطيه كلامه تعالى أنّ النشأتين مختلفتان بحسب النظام
__________________
(١). في المصدر : «كعرض السماء والأرض»
(٢). مجمع البيان ٢ : ٣٩١ ؛ تفسير الصافي ٢ : ١١٦.