[كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢١٣) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ (٢١٤)]
قوله سبحانه : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً ...)
إذا خلّينا الإنسان في جانب ، والمزايا التي ينالها في مدّة حياته الدنيويّة ووعاء عمره الطبيعيّ في جانب ، وجدناه عاريا عنها ، غير مجهّز بها في أصل وجوده ، وإنّما ينالها تدريجا ويحوزها شيئا فشيئا ، والآلات الجسديّة ـ التي جهّز بها من الأعضاء ونحوها ـ غير كافية ولا تامّة في جنبها ، إلّا أنّ العناية الإلهيّة تمّمت نقصه ذلك بإيداع قوّة الفكر والتصرّف ، فقوي بذلك على إعطاء حدّ شيء أو حكمه لآخر ، فهيّأ بذلك علوما من غير سنخ العلوم الحقيقيّة التي ينالها بالحس