وبهذا البيان يظهر وجه توجيه الخطاب إلى الناس دون الذين آمنوا منهم ، إذ ما يحتوي عليه الخطاب لا يختصّ بالمؤمنين.
قوله سبحانه : (اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ) إلى قوله : ـ (زَوْجَها)
التفرقة بين الخلقين ، أعني قوله : (خَلَقَكُمْ) وقوله : (وَخَلَقَ مِنْها) تعطي أنّ الخلقتين ليستا على حدّ سواء ، وأخذ لفظ الزوج وكون «من» نشويّة غير تبعيضيّة مشعر بأنّ مبدئيّة آدم لزوجته ليست على نحو التبعيض وإن لم يكن اللفظ صريحا في ذلك.
وفي نهج البيان للشيباني عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه قال : سألت أبا جعفر ـ عليهالسلام ـ : من أيّ شيء خلق الله حوّاء؟ فقال ـ عليهالسلام ـ : «أيّ شيء يقولون هذا الخلق؟» قلت : يقولون : إنّ الله خلقها من ضلع من أضلاع آدم ، فقال : «كذبوا ، أكان الله يعجزه أن يخلقها من غير ضلعه؟» فقلت : جعلت فداك [يا بن رسول الله] من أيّ شيء خلقها؟ فقال ـ عليهالسلام ـ : «أخبرني أبي عن آبائه قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ : إنّ الله تبارك وتعالى قبض قبضة من طين فخلطها بيمينه وكلتا يديه يمين ، فخلق منها آدم ، وفضلت فضلة من الطين فخلق منها حوّاء» (١).
أقول : وفي هذا المضمون عدّة روايات اخر ، وهنا روايات من طرق الخاصّة والعامّة ، فيها أنّها خلقت من ضلعه ، كما وقع في التوراة الموجود الآن.
قوله سبحانه : (وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً)
في قرب الإسناد عن الرضا ـ عليهالسلام ـ : «حملت حوّاء هابيل وأختا له في
__________________
(١). لم نعثر على كتاب نهج البيان ، ولكن روي في تفسير العيّاشي ١ : ٢١٦ ، الحديث : ٧ ؛ البرهان في تفسير القرآن ١ : ٣٣٦ ؛ الصافي ١ : ٣٢٥.