الحقيقيّين وإن لم يكونا ملاكين حقيقة بمعنى المؤثّر أو المرجّح في أفعاله تعالى على ما مرّ ، بل دائرين مدار الإيجاد وعدمه منتزعين منهما في مرتبتهما أو المرتبة المتأخّرة منهما من غير سبق ، لكنّ الجعل التشريعي حيث كان اعتباريّا دائرا مدار صلاح النظام وفساده كان مستندا إلى الصلاح والفساد مسبّبا عنهما وإن كان التشريع بوجه مستندا إلى التكوين ، فافهم.
فالروايات هي المركون إليها دون ما يعارضها القائلة بعضها أنّ آدم ـ عليهالسلام ـ زوّج بعض أبنائه من الحور وبعضهم من الجانّ ، فتكثّرت الذرّيّة بذلك. (١).
هذا على أنّ الطائفة الأولى أوفق بظاهر الكتاب ، كقوله تعالى : (وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً) ، ولم يذكر غيرهما ، وقوله تعالى : (إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ) (٢).
قوله سبحانه : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ)
وقرئ : تسّائلون ـ بتشديد السين ـ وأصله تتسائلون ، ثمّ ادغمت إحدى التاءين في السين. وقرئ بالتخفيف ، وأصله تتسائلون.
وقرئ : الأرحام ـ بالنصب والجرّ ـ ، والتسائل بالله وبالرحم أن ما يقول الإنسان : أسألك بالله وأسألك بالرحم. وقراءة النصب أوفق بما قبله وهو قوله : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ) وبما بعده ممّا الكلام توطئة لبيانه.
__________________
(١). راجع : تفسير العياشى ١ : ٢١٥ و ٢١٦ ، الحديث : ٥ و ٦ ؛ القصص للجزائري : ٥٨ ؛ بحار الأنوار ١١ : ٢٤٤ ، الحديث : ٣٩ وغيرها.
(٢). الحجرات (٤٩) : ١٣.