رِسالَتَهُ) تهديدا مستهجنا وغير مفيد لفائدة خطابية لاتحاد الشرط والجزاء ، فالمراد به بعض ما أنزل اليه ـ صلىاللهعليهوآله ـ ، والمراد بالرسالة جميع الرسالة ، فهو من ما أنزل إليه بعضه ، وقد حاز من الأهميّة ما يعادل اهماله إهمال جميع ما أنزل إليه من ربّه ، فليس شيئا من الأحكام العمليّة ، إذ في المعارف العلميّة ممّا أنزل إليه ـ صلىاللهعليهوآله ـ ، ما لا يعادله شيء من العمليّة كالتوحيد والرسالة والمعاد ، فهو من المعارف العلميّة ، ويومي إليه قوله : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) ، فهو يدلّ على أنّه كان شيئا من الوحي كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ يخاف إظهاره على الناس وتبليغه إليهم ، وقد ستره مدّة بعد نزوله خوفا من الناس ، وما كان يخاف على نفسه من الكفار والمشركين ، فقد كان الله تعالى يومئذ ـ أعني عند نزول السورة ـ أظهر دينه وأيّد رسوله وكسر سورة أعدائه وخنقهم بغيضهم ، فما كان يسعهم إلّا المطاوعة والقبول ، بل إنّما كان يخاف المسلمين ، وإنّما يصحّ الخوف منهم لا في الأمور الشاقّة من أحكام الدين لمشقّته ، فقد كانوا وطّنوا نفوسهم لكل شديدة وعظيمة ، قال تعالى : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) (١) ، بل فيما يقبل الإتّهام ويسرع إليه الظن والريب في الدعوة النبويّة ، مما ينهدم به أساس الدين ، ويذهب به التبليغ هدرا ، كما ورد في سورة الأحزاب في قصة زيد : (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) (٢).
ومع ذلك فهو سبحانه لم يذكر ما أنزل إليه على التعيين ولم يسمّه ، وفيه من التشديد على رسول الله ما لا يخفى ، وقد بدء الخطاب بقوله : (يا أَيُّهَا
__________________
(١). التوبة (٩) : ١١١.
(٢). الاحزاب (٣٣) : ٣٧.