[يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥)]
قوله سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ)
[(عَلَيْكُمْ)] اسم فعل بمعنى ألزموا و (أَنْفُسَكُمْ) منصوب بنزع الخافض كما يقال : عليكم بتقوى الله ، أو بتضمين معنى الإغراء ، وكيف كان فالمعنى اشتغلوا بأنفسكم ولا تقعوا في غيركم ، فلا يضرّكم ضلال الضالّ من الناس ، (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً) ـ المهتدي والضالّ ـ (فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
فالآية بوجه نظيرة قوله : (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (١).
وقوله : (إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) والإهتداء إنّما يكون في الطريق ، يوجب أن يكون النفس طريقا إلى الله سبحانه ، فقد جعل النفس مغرى بقوله : (عَلَيْكُمْ) ، ومغرى عليه بقوله : (أَنْفُسَكُمْ) فالإيمان سالك ومسلك ، ثم قال : (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ
__________________
(١). الجاثية (٤٥) : ١٤.