كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها) (١).
وكذلك طريقة معرفة النفس طريقة مبتدعة مرضيّة ، ولذلك فجلّ الدستورات والأعمال الواردة فيها من عجائب الرياضات والمجاهدات غير معهودة فيما جاء به النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ مختلفة باختلاف السلاسل والرايات ، حتى عدّى بهم السير ، وجرى بهم التعدّي في ذلك إلى أن وقعت طريقتهم في واد والشريعة في واد آخر ، فما لبث الأمر أن طعن فيها الطاعنون أنّ التصوّف نوع رهبانية مأخوذة من النصرانية.
والذي يقطع به المنصف إذا تتبّع الكتاب والسنّة وسيرة النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ وأئمّة أهل بيته وخواص أصحابهم ، ثم تفاصيل هذه الأمور المبتدعة أنّ دين الإسلام بخصوصياته الواردة في الكتاب والسنّة لا يجوّز التقرّب إلى الله بغير الطريق الذي أتى به صاحب النبوّة ، والأدب الذي بيّنه ، ولا يرضي بغير ذلك البتّة ، على أنّ الآيات والأخبار متكاثرة في كمال الدين وتمام البيان ، فلا محلّ لهذه النقيصة العظيمة والثلمة البيّنة ، قال الله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) (٢) ، وقال تعالى : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) (٣) ، إلى غير ذلك.
والذي ينبغي أن يقال : إنّه سبحانه جعل غاية الخلقة العبادة ، وهي كما عرفت نصب العبد نفسه في مقام المملوكيّة لمولاه أعني أنّه لا يملك شيئا على الإطلاق ، وكلّ ما له فلمولاه ، فنصب نفسه كل حقيقته أن يشاهد من نفسه ذلك ، وبذلك
__________________
(١). الحديد (٥٧) : ٢٧.
(٢). المائدة (٥) : ٣.
(٣). النحل (١٦) : ٨٩.