يظهر أنّ من شرطه المقوّم الإخلاص كما ذكره الله سبحانه في كتابه قال : (فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (١) ، وقال : (فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) (٢) ، إلى غير ذلك ، وعندئذ تسقط جميع الغايات الخارجة عن الإخلاص كالعبادة ، طمعا في الجنّة أو خوفا من النار ، فذلك توسيط له سبحانه لإقتناء مشتهي النفس ، وقد مرّت عدّة من الروايات في ذلك في سورة الحمد.
ويلحق بالنوعين السابقين عبادته سبحانه حبا لعبادته ، فحبّ العبادة غيره سبحانه أو عبادته لأنّه أهل له ، إذ مآله إلى العبادة لوجوب أداء حقّ العبودية ، فالغاية إسقاط الحق الواجب إلّا أن يرجع إلى ما سيأتي كما في بعض الروايات السابقة وكذلك عبادته سبحانه لحبّه بأخذ الحب موضوعا مقصودا لا طريقا ، فجميع ذلك لا يخلو عن شوب شرك ، وما لا يخلو عن شوب شرك فلا يقع وصفا على الله سبحانه لا لأنّه غير مقبول له تعالى بل لأنّ معناه لا يقع عليه سبحانه ، فالمعبود غيره تعالى ، قال سبحانه : (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ* إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (٣). وبذلك يسقط عن ساحة الإخلاص ما يسمّونه سيرا آفاقيا وهو عبادته سبحانه بالمعرفة الحاصلة به بواسطة السير في الآيات الآفاقية بالتفكر والتذكّر والإعتبار ، وهو ظاهر.
فحق العبادة أن يكون غايته هو الله وحده لا شريك له ، من غير دخالة معنى زائد اصلا ، أي لأنّه سبحانه جميل بالذات ، جليل بالذات ، والإنسان مجبول مفطور بحبّ الجميل وتعظيم الجليل ، أي الإنجذاب إلى الجميل والتذلّل إلى
__________________
(١). غافر (٤٠) : ١٤.
(٢). الزمر (٣٩) : ٢.
(٣). الصافات (٣٧) : ١٥٩ ـ ١٦٠.