اجتمع ما قدّم الله وما أخّر بدأ بما قدّم الله فأعطى حقّه كاملا ، فإن بقي شيء كان لمن أخّر [الله] وإن لم يبق شيء فلا شيء له. فقال له زفر [بن اوس] : فما منعك أن تشير بهذا الرأي على عمر؟ فقال : هيبته (١) ، الحديث.
ومنها : ما إذا قصرت السهام عن استيعاب التركة بالنقص ، كالأب مع البنت ، فهناك سدس ونصف ، فتردّ الزيادة على من كان يرد عليه النقص بحسب سهامهم من غير تعقيب ، وهو أن يعطى الزائد أولي عصبة الذكر وتحرّم الانثى منها ولو كانت أقرب نسبا منه. والبيان فيه نظير البيان في صورة النقص. على أنّ آيات المواريث تدفع ما سنّته أهل الجاهليّة من هذا التعصيب ، فكيف تشرّع ما تدفعه.
قوله سبحانه : (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ)
في المجمع عن أمير المؤمنين : «إنّكم تقرأون في هذه الآية الوصيّة قبل الدين ، وأنّ رسول الله قضى بالدين قبل الوصيّة» (٢).
أقول : وهو المنصوص في الروايات ، وأمّا تقديم الوصيّة على الدين في الآية ، فلأنّ الوصيّة أمر ندب الله إليه دون الدّين ، قال تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ) (٣) ، ولعلّه النكتة في تقييد الوصيّة في الآيتين بالفعل كقوله : (وَصِيَّةٍ يُوصى بِها) ، وقوله : (وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها) ، وقوله : (وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها).
__________________
(١). الكافي ٧ : ٧٩ ـ ٨٠ ، الحديث : ٣.
(٢). مجمع البيان ٣ : ٣١.
(٣). البقرة (٢) : ١٨٠.