طاعته سبحانه ، كما قال : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) (١). ويظهر به وجه الالتفات في قوله : (بِإِذْنِ اللهِ) ، إلى الغيبة من التكلّم بالغير في قوله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ)
بيانه : أنّ وصفه سبحانه في أوّل الكلام الغيبة أعني في قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ) ، ثمّ بالعدول إلى خطابه تعالى بقوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ) صار الوصف هو التكلّم ، ثمّ بحكاية القول في قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ) ، انتقل الوصف إلى الغيبة ، فجرى الكلام على ذلك في قوله : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ) ، و (يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ). ثمّ التفت إلى ما بدأ به من مخاطبة النبيّ بقوله : (أَلَمْ تَرَ) ، فأعاد الوصف إلى التكلّم لإفادة ذلك كما مرّ ، ثمّ التفت إلى غيبة المطيعين والمستغفرين فالتفت إلى الغيبة فقال : (بِإِذْنِ اللهِ) ، و (فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ) ، و (لَوَجَدُوا اللهَ) ، ثمّ عاد إلى بدء فالتفت إلى التكلّم في قوله : (فَلا وَرَبِّكَ) إلى قوله : (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا). ثمّ عاد إلى مخاطبة الجميع كأوّل الكلام من قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ) ، فالتفت إلى الغيبة مثله فقال : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ). وجرى على ذلك إلى آخر الكلام.
وهناك نوع آخر من الالتفات في ذكر النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ ، وهو ما كان من الغيبة في قوله : (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) ، إلى الخطاب في قوله : (ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) ، خصّ بالخطاب رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ لعلمه بالخير والتأويل دونهم ، ثمّ من الخطاب في قوله : (جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا) ، إلى الغيبة في قوله : (وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ) ، فأخذ وصف الرسالة إيماء إلى
__________________
(١). النساء (٤) : ٨٠.