قوله : (وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ)
لمّا كان الأمر في معنى القول عطف : (وَأَنْ أَقِيمُوا) على قوله : (لِنُسْلِمَ) ، والمعنى : وقيل لنا : أن أقيموا الصلاة واتّقوه ، وكأنه حذف عن الذكر لمكان قوله سبحانه : (قَوْلُهُ الْحَقُ) ، فإنّ القول لا يطلق على الأوامر التشريعيّة كما في موارده كقوله : (ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَ) (١).
وقوله : (حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) (٢) ، وقوله : (فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) (٣).
قوله : (قَوْلُهُ الْحَقُ)
الحق هو الثابت غير الزائل عن محلّه ، والقول إنّما يوصف بالحق عندنا إذا كان إخبارا عند كون المخبر به مطابقا له لا يزول عن هذا الوصف ، ويوصف بالحق إذا كان إنشاء ، كالأمر والنهي إذا كان غير ممكن المخالفة ، أي لا يختلّف عن المطلوب ولا يفارقه ، وإذا أخذ هذا القول على حقيقته لزم أن يكون الأمر في نفسه واجدا للمأمور به ، أي هو هو ، وهو ظاهر ، وفي النهج : «قوله فعله» (٤).
أقول : وقد تبيّن بما بيّنا معناه.
فقوله : (قَوْلُهُ الْحَقُ) في مقام التعليل لقوله : (وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ) ، وقوله : (وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) في مقام التعليل لقوله : (قَوْلُهُ الْحَقُ) ، فإنّه إذا كان له الملك وحده فله التصّرف كيفما
__________________
(١). ق (٥٠) : ٢٩.
(٢). القصص (٢٨) : ٦٣ ؛ فصلت (٤١) : ٢٥ ؛ الأحقاف (٤٦) : ١٨.
(٣). الأعراف (٧) : ١٦٦.
(٤). نهج البلاغة : ٣٩١ ، من وصيته له ، للحسن بن علي ـ عليهماالسلام ـ.