السنّة وحرّم مكانه صفر الثاني ، ثمّ حرّم في القابل صفر الأوّل وحلّ الثاني.
ثمّ إنّهم سروا هذا التغيير إلى بقيّة الشهور ، حتّى رفضوا خصوص هذه الأربعة واعتبروا فيها العدد فقط ، وهو الأربعة ، وربما زادوا شهرا واحدا أو شهرين على شهور السنة ، فصارت السنة ثلاثة عشر شهرا أو أربعة عشر شهرا.
وقد ذكروا أنّ أوّل ذلك حدث في كنانة ، وكانوا فقراء ذوي حاجة إلى الغارة ، وكان جنادة بن عوف الكناني سيّدا مطاعا في الجاهليّة ، وكان يقوم على جمل أحمر في الموسم ، فيقول : إنّ آلهتكم قد أحللت لكم المحرّم فأحلّوه ، ثمّ ينادي في القابل : إنّ آلهتكم قد حرّمت عليكم المحرّم فحرّموه. (١)
وبالجملة كان ذلك دائرا بينهم في الجاهليّة ، حتّى أثبت الإسلام المشهور اثني عشر لا تزيد ولا تنقص ، كما قال تعالى : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً)، وأثبت الحرمة في صفر الأوّل فسمّي شهر الله المحرّم ، ثمّ قيل المحرّم تخفيفا فسمّي به فهو من الألفاظ الإسلاميّة.
قوله سبحانه : (إِنَّمَا النَّسِيءُ)
وهو تأخير حرمة شهر إلى سنة اخرى غير هذه السنة ، كما كانوا يؤخّرون حرمة المحرّم من سنة إلى قابل ، فيحرّمون في هذه السنة صفرا ، ثمّ إذا كان من قابل عادوا إلى تحريم المحرّم كما كان ، أو النسيء تأخير الحرمة من شهر إلى شهر آخر كتأخيره من المحرّم إلى صفر.
وكيف كان فالنسيء فعيل بمعنى مفعول من النساء وهو التأخير وقرئ نسيّ
__________________
(١). تفسير الصافي ٣ : ٤٠٩.