أحدهما فأمسكته لعيالي ، (١) وأمّا الآخر فأقرضته ربّي ، فأمره رسول الله أن ينثره في الصدقات ، فسخر منه المنافقون ، فقالوا : والله ، إن كان (٢) الله لغنيّا (٣) عن هذا الصاع ما يصنع الله بصاع شيئا ، ولكنّ أبا عقيل أراد أن يذكّر نفسه ليعطى من الصدقات فنزلت. (٤)
أقول : وروي نظيره عن طريق العامّة. (٥)
قوله سبحانه : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ)
«أو» الترديديّة تدلّ على التسوية بين طرفيها ، فإذا تخلّل بين الأمر والنهي كان دالّا على أنّ الفعل والترك متساويان لا يترتّب على شيء منهما أثر ، فقوله سبحانه : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) يدلّ على أنّ الاستغفار وعدم الاستغفار سيّان في حقّ المنافقين لا يترتّب عليه أثر ، ولذا أكّده ثانيا بقوله : (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) ، فبيّن أنّه كما أنّ الاستغفار لا ينفع ، كذلك الإلحاح فيه والإصرار أيضا لا ينفع ، فالواحد والكثير منه سواء ، ولفظ سبعين يؤتى به في هذه الموارد للتكثير.
وقوله سبحانه : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) تعليل للحكم بأنّ ذلك لا لبخل من ناحيته سبحانه وتعالى ، بل لبطلان استعدادهم
__________________
(١). في المصدر : ـ «لعيالي»
(٢). في المصدر : ـ «كان»
(٣). في المصدر : «يغني» ، وفي تفسير الصافي : «لغنيّ»
(٤). تفسير القمّي ١ : ٣٠٢ ؛ تفسير الصافي ٣ : ٤٤١ ؛ البرهان في تفسير القرآن ٤ : ٥١٥.
(٥). الكشف والبيان ٥ : ٧٦ ؛ تفسير ابن كثير ٢ ؛ ٣٤١ ؛ الكشاف ٢ : ٢٩٤.