لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) ، (١) وقوله تعالى : (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) ، (٢) وقوله : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) ، (٣) وقوله تعالى : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) (٤) إلى غير ذلك.
فهذه الألفاظ جميعا مستعملة في معانيها المعروفة المعهودة ، ومعانيها جميعا قائمة بطبع المقام من الكلام لا بنفس المتكلّم تعالى عن ذلك وتقدّس ، فهذا ما يرجع إلى الاستعمال.
وأمّا بحسب المغزى ، فالاحتمال وهو جواز وجود الشيء هناك مساوق لوجوده أوّلا معنى ، للتردّد هناك كما عرفت ، فرجاء أمر ما يلازم وقوعه كقوله : (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ) (٥)
ومن هنا كان النفي والنهي في القرآن ربّما يؤمي بالجواز والوقوع ، كما مرّ في قوله سبحانه : (وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) ، (٦) وكذلك موارد النهي ، وكذلك موارد التأكيد فترى أنّ النهي في كلامه يدلّ على الوقوع ، والتشديد والتأكيد يدلّ على المساهلة من السامع المقصود كقوله : (لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) ، (٧) وقوله : (لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) (٨) مع ما انجرّ إليه أمر المسلمين في الفتهم واختلاطهم معهم ، وما أورثت ذلك من انحطاط سيطرة الدين واستيصال الملّة ، وكذا قوله سبحانه : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ
__________________
(١). طه (٢٠) : ٤٤.
(٢). التوبة (٩) : ٩٨ ؛ الفتح (٤٨) : ٦.
(٣). عبس (٨٠) : ١٧.
(٤). مريم (١٩) : ٣٨.
(٥). الإسراء (١٧) : ٨.
(٦). البقرة (٢) : ٥٧ ؛ الأعراف (٧) : ١٦٠.
(٧). الممتحنة (٦٠) : ١.
(٨). المائدة (٥) : ٥١.