فقوله سبحانه : (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ)
إشارة إلى انقطاع رجاءه منه ، فما لم ينقطع رجاؤه كان يحتمل اهتدائه ، فلم يتبيّن عداوته لله ، فإذا تبيّن تبرّأ منه وقوله : (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ)، تعليل لاستغفاره ، وإنّه كان دعاء لله حليما كثير الاحتمال للأذى في جنب الله ، لا يبادر إلى الدعاء على أحد ولا يسرع على الإعراض كما يظهر ذلك في مجادلته الملائكة المبعوثين إلى عذاب قوم لوط ، قال سبحانه : (ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ) ، (١) وكما يظهر من دعائه : (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ). (٢)
وفي تفسير القمّي : إنّ إبراهيم قال لأبيه : إن لم تعبد الأصنام استغفرت لك ، فلمّا لم يدع الأصنام تبرّأ منه. (٣)
أقول : قوله : (قالَ لِأَبِيهِ) ، (٤) ينبغي أن يحمل على حكاية الحال كما مرّ بيانه ، وما ورد في بعض الروايات أنّ أبا إبراهيم وعده الإسلام فاستغفر له ينبغي أن يحمل أيضا على حكاية الحال إن قيل ذلك ، وإلّا فالآيات تخالفه.
وفي الكافي وتفسير العيّاشي عن الباقر ـ عليهالسلام ـ : الأوّاه : الدعاء. (٥) (٦)
__________________
(١). هود (١١) : ٧٤.
(٢). إبراهيم (١٤) : ٣٦.
(٣). تفسير القمّي ١ : ٣٠٦.
(٤). الصافّات (٣٧) : ٨٥.
(٥). في المصدر : الكافي : «الأوّاه هو الدعّاء» وتفسير العيّاشي : «الأوّاه دعّاء».
(٦). الكافي ٢ : ٤٦٦ ، الحديث : ١ ؛ تفسير العيّاشي ٢ : ١١٤ ، الحديث : ١٤٧ ؛ تفسير الصافي ٣ : ٤٧٤.