قوله : (ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا)
قد مرّ معنى التوبة في سورة البقرة وأنّها من الله سبحانه قبول ومن العبد رجوع ، فتكرّر التوبة في الآية لكون الاولى توبة عامّة لهم ولغيرهم ، والثانية خاصّة بهم.
وفي تفسير القمّي في قصّة تبوك : وقد كان تخلّف عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ قوم من المنافقين وقوم من المؤمنين مستبصرين ، لم يعثر عليهم في نفاق ، منهم كعب بن مالك الشاعر ، ومرارة بن الربيع ، وهلال بن اميّة الواقفي ، فلمّا تاب الله عليهم ، قال كعب : ما كنت قطّ أقوى منّي في ذلك الوقت الذي خرج رسول الله إلى تبوك ، وما اجتمعت لي راحلتان إلّا في ذلك اليوم ، فكنت أقول : أخرج غدا وأخرج بعد غد فإنّي مقوّى ، وتوانيت وبقيت بعد خروج النبيّ أيّاما أدخل السوق ولا أقضي حاجة.
فلقيت هلال بن اميّة ومرارة بن الربيع وقد كانا تخلّفا أيضا ، فتوافقنا أن نبكّر إلى السوق ولم نقض حاجة ، فما زلنا نقول : نخرج غدا وبعد غد حتّى بلغنا إقبال رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ فندمنا.
فلمّا وافى رسول الله استقبلنا نهنّئه بالسلامة ، فسلّمنا عليه ، فلم يردّ علينا السلام ، فأعرض عنّا وسلّمنا على إخواننا فلم يردّد علينا السلام ، فبلغ ذلك أهلينا فقطعوا كلامنا ، وكنّا نحضر المسجد ، فلا يسلّم علينا أحد ولا يكلّمنا.
فجاءت نساءنا إلى رسول الله فقلن : قد بلغنا سخطك على أزواجنا أفنعتزلهم ، فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ : لا تعتزلنّهم ولكن لا يقربوكنّ.
فلمّا رأى كعب بن مالك وصاحباه ما قد حلّ بهم ، قال : ما يقعدنا بالمدينة ولا يكلّمنا رسول الله ولا إخواننا ولا أهلونا فهلمّوا نخرج إلى هذا الجبل فلا نزال