(وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ)
لانقطاعهم من غيره سبحانه (ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ) بإنزال الآية بقبول توبتهم (لِيَتُوبُوا) ويرجعوا إلى ربّهم.
وعلى هذا يمكن أن يكون التوبة الاولى منه تعالى ما أوجبت خروجهم إلى الجبل وانقطاعهم إلى الله تعالى ، والتوبة الثانية ما أوجبت رجوعهم الأخير إلى الله بعد التضرّع والابتهال في أيّام كثيرة ، فتدبّر.
قوله سبحانه : (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)
الصدق : مطابقة الخبر للخارج المخبر عنه ، ثمّ توسّع فعدّ كلّ ما يحكي عن معنى صادقا إذا كان مطابقا لما يحكي عنه ، وهذا هو الصدق الخبري في مقابل الكذب الخبري وهو مطابقة الخبر لما في الخارج من غير دخل لاعتقاد المخبر في ذلك.
ثمّ أخذ الصدق الذي هو وصف الخبر وصفا للمخبر لكون الخبر قائما ، ثمّ أخذ اعتقاد المخبر فيه فكان صدق الإنسان أن يكون إخباره مطابقة لاعتقاده ، وكذبه كون إخباره غير مطابقة لاعتقاده ، فأوجب التوسّع في القول والفعل أن يكون الصدق أن يقول الإنسان ما يعتقده ، وأن يفعل ما يعتقده ولا يفعل ولا يقول ما لا يعتقده.
فأنتج ذلك كلّه الملازمة بين القول والفعل وجودا وعدما.
والمراد بالقول الاعتقاد ، فما يقول به يفعله ، وما يفعله يقول به ، وما لا يفعله لا يقول به ، وما لا يقول به لا يفعله ، فهذا ملاك الصدق.
فلو كان بالنسبة إلى بعض الامور كان الصدق بالنسبة إلى ذلك البعض ،