منه سبحانه ، والهداية والتوفيق والخذلان جهات الحيلولة وأنحاء الوساطة.
ثمّ إنّ ورود قوله : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ)، تلو قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ)، تأكيد للأمر بالاستجابة وتحضيض ، حتّى يتنبّهوا ويكونوا على حزم من أمرهم ، فإنّهم إذا كانوا على علم بمقام ربّهم من الحيلولة ، وأنّهم إليه محشورون لا محالة ، أخذوا بالحزم والاحتياط في أمرهم ، ولم يسامحوا في استجابتهم لدعوة الله ودعوة رسوله.
كما يشعر به ما ذكره سبحانه بقوله : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً)، فيكون المعنى أن استجيبوا إذا دعيتم إلى ما يحييكم ، واعلموا أنّ الله سبحانه عند قلوبكم يلهمكم الخير والشرّ ، والطاعة والمعصية ، فلا يمكنكم أن تعتذروا بالجهل وعدم تمييز الحقّ من الباطل ، والحياة من الموت ، أو المعنى كونوا على حذر واعلموا أنّ قلوبكم بيده لا يعجزونه بمشيئة وإرادة وحبّ وبغض.
وعلى كلّ من المعنيين وردت روايات :
ففي تفسير العيّاشي عن الصادق ـ عليهالسلام ـ قال : لا يستيقن [القلب] أنّ الحقّ باطل أبدا ، ولا يستيقن أنّ الباطل حقّ أبدا. (١)
وفي التفسير أيضا عنه ـ عليهالسلام ـ قال : يحول بينه وبين أن يعلم أنّ الباطل حقّ. (٢)
وفي التفسير أيضا عنه ـ عليهالسلام ـ في الآية قال ـ عليهالسلام ـ : هو أن
__________________
(١). تفسير العيّاشي ٢ : ٥٣ ، الحديث : ٣٩ ؛ مجمع البيان ٤ : ٨٢٠.
(٢). تفسير العيّاشي ٢ : ٥٢ ، الحديث : ٣٦.