يشتهي الشيء بسمعه وبصره ولسانه ويده ، أمّا إنّه لا يغشى شيئا منها ، وإن كان يشتهيه فإنّه لا يأتيه إلّا وقلبه منكر لا يقبل الذي يأتي يعرف أنّ الحقّ ليس فيه. (١)
أقول : وقد ورد في معناها غيرها ، وهي جميعا مرويّة بطرق ، رواها الكليني والصدوق والبرقي ـ رضي الله عنهم ـ في كتبهم ، وهي إشارة إلى المعنى الأوّل الذي ذكرناه. (٢)
وفي تفسير العيّاشي أيضا في الآية عن الباقر ـ عليهالسلام ـ قال : هذا الشيء يشتهيه الرجل بقلبه وسمعه وبصره ولا يتوق نفسه إلى غير ذلك ، فقد حيل بينه وبين قلبه إلى ذلك الشيء. (٣)
أقول : وهو إشارة إلى المعنى الثاني الذي ذكرناه ، وقد قيل : إنّ معنى الآية أنّ الله يحول بين المرء وقلبه بالموت ، أي يحول بينه وبين أماني قلبه وآماله البعيدة بالموت ، فلا ينالها فتكون الآية قريبة المعنى من قوله تعالى : (أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى* فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى) ، (٤) وهو راجع إلى المعنى الذي ذكرناه ، غير أنّه تخصيص من غير مخصّص.
وفي تفسير القمّي عن الباقر ـ عليهالسلام ـ في قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ)، يقول : ولاية عليّ بن أبي طالب ، فإنّ اتّباعكم إيّاه وولايته أجمع لأمركم وأبقى للعدل فيكم ، وأمّا قوله : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ)، يقول : بين المرء (٥) ومعصيته أن
__________________
(١). تفسير العيّاشي ٢ : ٥٢ ، الحديث : ٣٧ ؛ بحار الأنوار ٧٠ : ٥٨.
(٢). التوحيد : ٣٥٨ ؛ المحاسن : ٢٣٧ و ٢٧٦.
(٣). تفسير العيّاشي ٢ : ٥٢ ، الحديث : ٣٨.
(٤). النجم (٥٣) : ٢٤ ـ ٢٥.
(٥). كذا في البرهان في تفسير القرآن ، وفي المصدر : «بين المرء ومعصيته التى»