مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ* أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ). (١)
فهذه الآيات تفيد أنّ كمال الإيمان وخالصه أن يرى العبد نفسه لله سبحانه محضا ، هو الذي يملكهم وهم مملوكون له راجعون إليه تعالى وهو خلوص الإيمان من شوب الظلم ، فبين الإيمان بالله واليوم الآخر وبين مقام الاهتداء مقام ، وهو مقام الخشية وعدم تأثّر القلب من غير الله تعالى ، وإنّما كان وسطا لأنّ عدم التأثّر عن الغير لا يستلزم الإذعان بعدم تأثير في الغير ، فربما كان الإنسان لاعتماده على ناصر قويّ شديد أو ركونه إلى شهامة نفسه وقوّة إرادته لا يتأثّر عن عدوّه وإن أثبت له وجودا وأذعن له تأثيرا ، قال تعالى : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) ، (٢) فهي تفيد أنّهم دفعوا الخشية اتّكالا منهم بالله سبحانه.
فمن لا يتأثّر لأنّه يرى أن لا عدوّ ولا تأثير فهو أرفع مكانا وآمن قلبا.
قوله سبحانه : (وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ)
الفرق بين الخوف والخشية : أنّ الخوف توقّع الشرّ ، ولذا كان يقابل الطمع أو الرجاء وهو توقّع الخير من أمر ، قال تعالى : (خَوْفاً وَطَمَعاً) ، (٣) وقال : (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ). (٤)
__________________
(١). البقرة (٢) : ١٥٦.
(٢). آل عمران (٣) : ١٧٣.
(٣). الأعراف (٧) : ٥٦.
(٤). البقرة (٢) : ٣٨.