القول في مصر والنيل
قال الكلبيّ : سمّيت مصر بمصر بن أينم بن حام بن نوح ، وافتتحها عمرو بن العاص ، وروي في قول الله عزّ وجلّ : (وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ) قال : مصر. قال ابن السّكّيت : سمّيت مصر لأنها الحدّ ، وأهل هجر يكتبون في شروطهم اشترى جميع الدار بمصورها أي بحدودها ، قال عديّ بن زيد التميميّ :
وصيّر الشّمس مصرا لا خفاء به |
|
بين النّهار وبين اللّيل قد فصلا |
أي حدّا حاجزا. وقال عبد الله بن عمرو : من أراد أن ينظر إلى الفردوس فلينظر إلى مصر حين تحرث. وروي عن الضحّاك بن مزاحم عن ابن مسعود مرفوعا قال : ينادي يوم القيامة مناد من السماء يا أهل مصر فيقولون جميعا أوّلهم وآخرهم : لبّيك ، فيقال : إن الله عزّ وجلّ يقول ألم أمنن عليكم بسكنى مصر ، وأطعمتكم فيه الخمر (١) والخمير وصيد طير السماء وحيتان البحر والماء العذب؟ فيقولون : بلى ربّنا.
وأرض مصر محدودة أربعين ليلة في مثلها ، وكانت منازل الفراعنة وكان اسمها باليونانيّة مقذونية ، وطول مصر من الشجرتين اللتين بين رفح والعريش إلى أسوان ، وعرضها من برقة إلى أيلة وهي مسيرة أربعين ليلة في أربعين ليلة ، ومن بغداذ إلى مصر خمس مائة وسبعون فرسخا ، يكون ذلك أميالا ألف وسبع مائة وعشرة أميال (٢).
__________________
(١) كذا في الأصل ، ولعلها : الخبز.
(٢) من (وأرض مصر محدودة ...) إلى (وعشرة أميال) في ابن خرداذبه ص ٨٠ ، ٨٣.