القول في الروم
وإنما ذكرنا الروم في هذا الموضع لأنها تحاذي الشام والجزيرة.
قال يحيى بن خالد البرمكيّ : الملوك خمسة : ملك الأثاث ، وملك الدوابّ ، وملك المال ، وملك الفيلة ، وملك الإكسير. فأما ملك الأثاث فملك الصين ، وملك الدوابّ ملك الترك ، وملك المال ملك العرب ، وملك الفيلة ملك الهند ، وملك الإكسير فملك الروم. فأرض الروم غربيّة دبوريّة ، وهي من أنطاكية إلى صقليّة ، ومن قسطنطنيّة إلى توليّة. والغالب عليهم روميّ وصقلبيّ ، والأندلس صقالبة ، والروم كلّهم : نصارى ملكانيّة ، ويقرءون الإنجيل بالجرمقانيّة ، وهم أصحاب بقر وخيل وشاء ، ويحكمون بحكم التوراة ، وهم أهل صناعات وحكم وطبّ ، وهم أحذق الأمّة بالتصاوير ، يصوّر مصوّرهم الإنسان حتى لا يغادر منه شيئا ، ثم لا يرضى بذلك حتى يصيّره شابّا وإن شاء كهلا ، وإن شاء شيخا ، ثم لا يرضى بذلك حتى يجعله جميلا ثم يجعله حلوا ثم لا يرضى حتى يصيّره ضاحكا وباكيا ، ثم يفصل بين ضحك الشامت وضحك الخجل ، وبين المستغرق والمبتسم والمسرور وضحك الهاذي ، ويركّب صورة في صورة ، ولمّا توادع قباذ وقيصر ملك الروم أهدى إليه قيصر هدايا كثيرة ، فكان فيما أهدى إليه تمثال جارية من ذهب ، كان إذا كان وقتا من الليل يسمع لها ترنّم لا يطنّ على أذن أحد إلّا أرقده ، وفسطاط عظيم من كيمخار ، وسفط جوهر.
وأوفد بعض الخلفاء عمارة بن حمزة (١) ، إلى ملك الروم ، وكتب يتوعّده
__________________
(١) عمارة بن حمزة تنسب إليه دار عمارة بالجانب الغربي من بغداد وهو مولى المنصور (معجم ـ