القول في العراق
قال أبو عبيدة : سمّي العراق عراقا لأنه سفل على نجد ، ودنا من البحر ، كعراق القربة وهو الخرز المثنيّ الذي في أسفلها وهو الذي يضعه السقّاء في صدره وقال الأصمعيّ : ما دون الرمل عراق وقال المدائنيّ : عمل العراق من هيت إلى الصين والسند والهند ، ثم كذلك الريّ وخراسان ، والديلم وجيلان والجبال ، وإصبهان سرّة العراق ، ومن ولي العراق فقد ولي البصرة والكوفة والأهواز وفارس وكرمان والهند والسند وسجستان وطبرستان وجرجان. والعراق في الطول من عانة إلى البصرة ، والبصرة تتاخم الأهواز ، والأهواز تتاخم فارس ، وفارس تتاخم كرمان ، وكرمان تتاخم كابل ، وكابل تتاخم زرنج ، وزرنج تتاخم الهند.
وقال بعض أهل النظر : أهل العراق هم أهل عقول صحيحة ، وشهوات محمودة ، وشمائل موزونة ، وبراعة في كلّ صناعة ، مع اعتدال الأعضاء ، واستواء الأخلاط ، وسمرة الألوان ، وهي أعدلها وأقصدها ، وهم الذين أنضجتهم الأرحام ، فلم تخرجهم بين أشقر وأصهب وأمهق ومغرب ، وكالذي يعتري أرحام نساء الصقالبة وما ضارعها وصاقبها ، وهم الذين لم تتجاوز أرحام نسائهم في النضج إلى الإحراق ، فيخرج الولد بين أسود وحالك ومنتن الريح ذفر ومفلفل الشعر مختلف الأعضاء ناقص العقل فاسد الشهوة كالزنج والحبشان ومن أشبهها من السودان ، فهم بين فطير لم يختمر ونضيج قد احترق.
وقالوا : مناكحة الغرائب أنجب ، ومناكحة القرائب أضوى.
وقالوا : اغتبروا ولا تضووا. وقالوا : فارس أعقل والروم أعلم وللروم صناعات.