القول في كرمان
قال ابن الكلبي : سميت كرمان بكرمان بن فلوج من بني ليطي بن يافث بن نوح عليه السلام. ويقال إن بعض ملوك الفرس أخذ قوما فلاسفة (١) فحبسهم وقال : لا يدخل إليكم إلّا الخبز وحده وخيّروهم في إدام واحد. فاختاروا الأترجّ فقيل لهم : كيف اخترتم الأترج دون غيره؟ قالوا : لأن قشره الظاهر طيب فنشمه. وأمّا داخله ففاكهة. وأمّا حمّاضة فأدم ، وأما حبّة فدهن. فأمر بهم فاسكنوا كرمان. وكان ماؤها لا يخرج إلّا على خمسين ذراعا. فهندسوه حتى أظهروه على وجه الأرض. ثم غرسوا بها الأشجار فالتفّت كرمان كلها بالشجر. فعرف الملك ذلك فقال : اسكنوهم الجبال فاسكنوها ، فعملوا الفوّارات وأظهروا الماء على رؤوس الجبال فقال الملك : اسجنوهم. فعملوا في السجن الكيمياء. وقالوا : هذا علم لا نخرجه إلى أحد. وعملوا منه ما علموا أنه يكفيهم مدة أعمارهم ثم أحرقوا كتبهم وانقطع علم الكيمياء.
وقال بعض علماء الفرس : كانت الأكاسرة تجبي السواد مائة ألف ألف وعشرين ألف ألف درهم سوى ثلاثين ألف ألف من الوضائع لموائد الملوك. وكانوا يجبون فارس أربعين ألف ألف. وكانوا يجبون كرمان ستين ألف ألف لسعتها. وهي ثمانون ومائة فرسخ في مثلها. وكانت كلها عامرة. وبلغ من عمارتها أن القناة تجري من مسيرة خمس ليال. وكانت كرمان ذات أشجار وعيون وأنهار.
ومن شيراز إلى مدينة السيرجان ، مدينة كرمان ، أربعة وستون فرسخا.
__________________
(١) في الأصل : فلافسة!