وما ينحدر من الجبال والماء الجاري النقي جيد من كل شيء. وهو جيد للحمى والزكي وجيد للمزاج والبلغم.
وقالوا : لولا أن ماء همذان متفرق وهي أنهار كثيرة ، في أقطارها ، لكان إذا اجتمع ماؤها مثل دجلة والفرات.
وقال تيادوس (١) : الماء حياة كل شيء وهلاك كل شيء وغضارة كل شيء وكاسف بال كل شيء. فأما قوله حياة كل شيء ، فبه يحيا الإنسان الذي لم يخلق الله أشرف صنعة منه ، والنبات والشجر وكل مأكول من الثمر وغيره. وهو غضارة هذه الأشياء ونضرتها. وأما كسوف بال كل شيء ، فإذا أخذ منه الماء تغيرت نضرته وذاك كسوف باله. وأما هلاك كل شيء. فإن الغرق منه وكثرة شربه تورث الأدواء كما أن الاقتصاد فيه يذهب كل داء.
وماء السماء إذا أخذ في شيء انتقي وصفّي [١١٥ أ] وشرب منه صاحب السل واليرقان نفعهما. وإذا أخذ منه في جلم قبل أن يقع إلى الأرض وشربه من أراد الذكاء زاد في حفظه وذكائه.
وإن أخذ ماء السماء وخلط مع العسل والمصطكى وشرب نفع من البهق.
وماء البرد إذا أخذ وألقي على قصب فارسي مخرق واستيك به نفع من الحفر والقلح وأذهب بذلك وصلّب الأسنان.
وماء الثلج إذا أخذ مع عرق إنسان ثم سقي به من الكزاز سكن فيه. وإذا أخذ مع لبن الإبل وسقي من به خفقان الفؤاد سكّنه. وإن خلط به زبد البحر ثم طلي به على الجرب ، ذهب به. وإن أخذ مع رماد الزيتون فطلي بهما البهق الأسود نفعه.
وإن أخذ ماء البئر أول ما ينبع ثم شربه من سقي السم ، كان نافعا له ، وإن أخذ أيضا ثم فتّ فيه خبز من حنطة حديثة وجعل فيه قند وأكله من به وجع الفؤاد نفعه. وأول ما يظهر من العين عند حفرها فهو نافع من الجنوب والوسواس.
__________________
(١) لعله ثيودورس. وهو من العلماء اليونانيين له مؤلفات في الجغرافيا والهندسة (ابن النديم ٣٢٨).