القول في البحار وعجائب ما فيها
قال الله عزّ وجلّ : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ) يروى عن الحسن قال : بحر فارس والروم. وقال سليمان بن أبي كريمة (١) : إذا طلعت الثّريّا ارتجّ البحر واختلفت الرياح ، وسلّط الله الجنّ على المياه ، وتبرّأ الله ممن يركب البحر أربعين يوما. وقال النبيّ (صلى الله عليه وسلم): «من ركب البحر بعد طلوع الثريّا ، فقد برئت منه الذمّة». وسئل ابن عبّاس عن المدّ والجزر فقال : إن ملكا موكّل بقاموس البحر (٢) ، إذا وضع رجله فيها فاضت ، وإذا رفعها غاضت. قال كعب : ولقي الخضر ملكا من الملائكة فسأله عن المدّ والجزر فقال الملك : إن الحوت يتنفّس فيشرب الماء ويرفعه إلى منخريه فذلك الجزر ، ثم يتنفّس فيخرجه من منخريه فذلك المدّ. قال : وفي البحر سمكة يقال لها الخراطيم مثل الحيّة لها منقار كمنقار الكركيّ ، وفي منقارها من الشقّين كالمنشار. وفيه سمكة يقال لها الأطمر لها فرج كفرج المرأة ، ووجهها كوجه الخنزير ، وهو طبق من شحم وطبق من لحم. وفي البحر سمك على خلقة القرود من جلوده تكون الدرق التي تنبو عنها السيوف ، ويقال إنها تحيض وترضع وكذلك السلاحف. وفيه سمك يسمّى الدّخس ينجي الغريق. وفيه سمك إذا هاج البحر خرج من قعر البحر ، فيعلم البحريّون أن البحر قد هاج ، يسمّى البرستوج ، وهو الذي يكون بالبصرة.
ويلي هذا البحر بحر يسمّى هركند ، يقال إنه قاموس البحار كلّها ، وفي هذا البحر جزيرة سرنديب ، وفي هذه الجزيرة الجبل الذي أهبط عليه آدم ، وعليه أثر
__________________
(١) قال ياقوت في معجم البلدان انه من دمياط ولقبه بالبيروتي (١ : ٦٠٦).
(٢) في أساس البلاغة قاموس البحر : قعره الأقصى.