حاصل ، والإرشاد لما ليس بحاصل ، فإنه حصل لهم التوحيد وفاتهم درجات الصالحين ، والصالحون يقولون : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) معناه : نسألك التثبيت فيما هو حاصل والإرشاد إلى ما ليس بحاصل ، فإنهم حصل لهم الصلاح وفاتهم درجات الشهداء ، والشهداء يقولون : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) أي بالتثبيت فيما هو حاصل والإرشاد إلى ما ليس بحاصل ، فإنهم حصلت لهم الشهادة وفاتهم درجات الصديقين ، والصديقون يقولون : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) أي : بالتثبيت فيما هو حاصل والإرشاد إلى ما ليس بحاصل ، فإنهم حصل لهم درجات الصديقين وفاتهم درجات القطب. والقطب يقول : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) بالتثبت فيما هو حاصل والإرشاد إلى ما ليس بحاصل ، فإنه حصل له رتبة القطبانية ، وفاته علم ما إذا شاء الله أن يطلعه عليه أطلعه. ه.
وقال بعضهم : الهداية إمّا للعين وإما للأثر الدالّ على العين ، ولا نهاية للأولى. قلت : فالأولى لأهل الشهود والعيان ، والثانية لأهل الدليل والبرهان ، فالهداية للعين هى الدلالة على الله. والهداية للأثر هى الدلالة على العمل ، «من دلّك على الله فقد نصحك ، ومن دلك على العمل فقد أتعبك». وإنما كانت الأولى لا نهاية لها ؛ لأن الترقي بعد المعرفة لا نهاية له. بخلاف الدلالة على الأثر فنهايتها الوصول إلى العين ، إن كان الدالّ عارفا بالطريق.
قال البيضاوي : وهداية الله تتنوع أنواعا لا يحصيها عد (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها) لكنها تنحصر فى أجناس مترتبة :
الأول : إفاضة القوى التي بها يتمكن المرء من الاهتداء إلى مصالحه ، كالقوة العقلية والحواس الباطنة والمشاعر الظاهرة.
الثاني : نصب الدلائل الفارقة بين الحق والباطل والصلاح والفساد ، وإليه الإشارة بقوله : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) ، وقال : (فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى).
الثالث الهداية بإرسال الرسل وإنزال الكتب ، وإياها عنى بقوله : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) ، وقوله : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ).
الرابع : أن يكشف عن قلوبهم السرائر ويريهم الأشياء كما هى بالوحى والإلهام والمنامات الصادقة. وهذا يختص بنيله الأنبياء والأولياء ، وإياه عنى بقوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) ، (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا).