وقال فى أهل بدر : (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ) ووفى لهم بما وعد.
وجميع الآيات التى يتضمنها القرآن من الإخبار عن الغيوب تكثر جدا.
والوجه الثانى : أنه كان معلوما من حال النبى صلىاللهعليهوسلم أنه كان أميا لا يكتب ولا يحسن أن يقرأ وكذلك كان معروفا من حاله أنه لم يكن يعرف شيئا من كتب المتقدمين وأقاصيصهم وأنبائهم وسيرهم. ثم أتى بجملة ما وقع وحدث من عظيمات الأمور ، ومهمات السير من حين خلق الله آدم عليهالسلام إلى حين مبعثه.
فذكر فى الكتاب الذى جاء به معجزة له قصة آدم عليهالسلام ، وابتداء خلقه وما صار إليه أمره من الخروج من الجنة ، ثم جملا من أمر ولده وأحواله وتوبته.
ثم ذكر قصة نوح عليهالسلام وما كان بينه وبين قومه وما انتهى إليه أمره.
وكذلك أمر إبراهيم عليهالسلام إلى ذكر سائر الأنبياء المذكورين فى القرآن والملوك والفراعنة الذين كانوا فى أيام الأنبياء صلوات الله عليهم. وهذا مما لا سبيل إليه إلا عن تعلم ، وإذا كان معروفا أنه لم يكن ملابسا لأهل الآثار وحملة الأخبار ولا مترددا إلى التعلم منهم ، ولا كان ممن يقرأ فيجوز أن يقع إليه كتاب فيأخذ منه علم أنه لا يصل إلى علم ذلك إلا بتأييد من جهة الوحى ، ولذلك قال عزوجل : (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) وقال : (وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ).
والوجه الثالث : أنه بديع النظم عجيب التأليف متناه فى البلاغة إلى الحدّ الذى يعلم عجز الخلق عنه ، والذى يشتمل عليه بديع نظمه المتضمن للإعجاز وجوه :
منها : ما يرجع إلى الجملة ، وذلك أن نظم القرآن على تصرّف وجوهه واختلاف مذاهبه خارج عن المعهود من نظام جميع كلامهم ومباين للمألوف من ترتيب خطابهم ، وله أسلوب يختص به ويتميز فى تصرفه عن أساليب الكلام