بل الوحدة الحقيقة تقتضي الصدور عن الواحد الحقيقي وفي المقام لا يكون لنا واحد حقيقي حتى يقال ان الغرض واحد حقيقي بل التحقيق ان يقال ان وحدة العلم اعتبارية فان اعتبره المؤلف واحدا يصير واحدا بالاعتبار كاعتبار ما بين الدفتين كتابا واحدا.
ولشيخنا العراقي (قده) هنا كلام وهو ان العلم مجموع القواعد التي يكون مقياسا لفهم الصحة والفساد في كل علم بالنسبة إليه مثلا إذا أردنا ان نفهم صحة اللفظ من حيث الإعراب إذا كان فاعلا يرجع إلى القاعدة الكلية في النحو كل فاعل مرفوع وإذا أردنا ان نفهم صحته عن اعتلاله نرجع إلى علم الصرف فان انطبق عليه قواعد الصحة فهو صحيح وإلّا فهو غير صحيح وهكذا فما قيل من ان وحدة العلم بوحدة الغرض الّذي يترتب عليه لا يكون صحيحا لأن الغرض لا يترتب على القواعد بلا واسطة شيء وضمه إليها حتى نحتاج إلى القول بالسنخية بين العلة والمعلول فان المنطق علم يقال في تعريفه انه يصون الفكر عن الخطاء فهل وجوده اللفظي يصون أو وجوده الكتبي في الكتاب كل ذلك لا يكون بل إذا أراد المنطقي ان يفهم صحة المقدمات والنتيجة التي أخذت منها يقيس مطلبه على قواعده فيفهم ذلك فليس الغرض معلولا للعلم بحيث يحصل بعده مثل حصول المعلول بعد حصول العلة اللذان لا ينفكان ووحدة المعلول كاشفة عن وحدة العلة.
وفيه انه الدخيل مع ضم إرادة المريد ذلك فان من لم يعلم تلك القواعد لا يمكن له استفادة ذلك عن القواعد فكأنه يكون مقتضيا لترتب الأثر عليه قبل ضم الضمائم فوحدة العلم تارة تكون بوحدة الموضوع مثل علم الحساب الذي موضوعه العدد وتارة بوحدة الغرض.
الجهة الثالثة في تمايز العلوم بعضها عن بعض.
قد اختلف الكلام في ذلك أيضا من حيث انه هل كان بالموضوع أو بالغرض (١)
__________________
(١) والحق ان وحدة العلم بوحدة الغرض وهو مدار البحث فإذا قيل علم النحو من أي شيء يبحث قيل البحث فيه من الإعراب والبناء لحفظ اللسان عن الخطاء وان الغرض من علم الأصول ـ