واما الثاني وهو أصل البراءة فهو فيما إذا كان حين الحكم غير متلبس بالعدالة مثلا ثم صار كذلك ثم زال عنه العدالة (١) كان يقول أكرم العالم في الأمس وهو فيه عادل وفيما بعده فاسق فالأصل البراءة عن وجوب الإكرام لعدم حالة سابقة يقينية للحكم ليستصحب.
واما الثالث وهو الاشتغال فهو إذا كان قبل الحكم غير متلبس بالعدالة وحينه صار متلبسا بها ثم زالت عنه فيدور الأمر بين التعيين والتخيير من جهة انه لا يدرى انه هل يكون موضوع الحكم الذات مع الصفة أو بدونها فان من كان غير واجد لها يكون الشك في فراغ الذّمّة بإكرامه فيجب إكرام المتلبس تعيينا لتحصيل العلم بفراغ الذّمّة ثم قبل الشروع في طريق الاستدلال على حسب الكفاية يلزم البحث عن البساطة والتركيب في المشتق لأنه يتوقف عليه فلا بد أن نخرج هنا عن أسلوب صاحبها (قده) لزيادة التفصيل فنقول ينبغي البحث في ذلك في ضمن تنبيهات
التنبيه الأول
في تحرير محل النزاع فقيل ان النزاع في انه هل يكون مثل الضارب مثلا معناه ذات وضرب ويعبر عنه بذات ثبت لها الضرب أم لا يكون الذات ملحوظة وهذا وان نسب إلى جمع ولكن شأنهم أجل من ذلك بالوجدان والبرهان لأنا لا نجد عند تصورنا الضارب ذات ثبت لها الضرب واما البرهان لأن الضارب يكون من المفهومات التصورية وله نسبة
__________________
(١) لا شبهة ولا ريب في ان كل حكم يحتاج إلى الموضوع فإذا قيل أهن الضارب فلا بد من وجدانه والحكم عليه فإذا قيل أهن الضارب ولم يكن لنا ضارب حين حدوث الحكم ثم وجد ثم صار فاقدا للوصف ففي زمان كونه متصفا بالضرب كان الحكم عليه قطعا وبعده يكون الشك في بقائه فيكون مقام الاستصحاب أيضا فلا معنى للبراءة فان كان الإشكال في الاستصحاب فيكون في هذا أيضا وإلّا فلا إلّا ان يقال بان الحكم إذا لم يكن الالتفات إليه في الوسط فيكون كالعدم وهو مع اختصاصه بصورة عدم الالتفات به حين العدالة يكون فيه التأمل من جهة ان الالتفات غير دخيل في فعلية الحكم.