الحكم مثل ان يقال أطع امر الجيران كما مر فانه يجب ان يثبت أن أي الكلمات امر ليكون موضوع الحكم فلو لم تكن الصيغة من الأمر لا يشملها الحكم.
الجهة الرابعة في الطلب والإرادة واتحادهما :
لا يخفى ان البحث هنا تارة يكون لغويا وهو في تعيين مفهوم اللفظين وتارة فلسفيا بعنوان انه هل يكون في النّفس شيء غير الجزم والعزم اللازم منه الطلب وهو يسمى بالإرادة أم لا وكلاهما خارجان عما نحن بصدده فان البحث الأصولي يلزم ان يكون منتجا في الفقه وهو ان يقال ان الموضوع لحكم العقل بوجوب الإطاعة هل يكون الطلب ولو خلى عن الإرادة أو يكون الموضوع له هما معا.
فذهب الإمامية بان الأحكام تابعة لإرادات النفسانيّة ومنها ينشأ الطلب والأشاعرة على ان موضوع الحكم هو الطلب فقط ولا يكون للإرادة دخل.
واستدلوا عليه أولا بان الكفار والعصاة مكلفون بفروع الدين إجماعا مع انهم لا يعملون على طبق التكليف فلو كان الطلب مطابقا للإرادة يلزم تخلف إرادة الله تعالى وهو محال لأنه يلزم منه نفى القدرة والعجز عنه تعالى عن ذلك علوا كبيرا وثانيا بأنا مجبورون في أعمالنا فكل ما يقع لا يكون بإرادتنا والإرادة انما تتعلق بأمر اختياري فيكون ما تعلق به الطلب غير مراد لله تعالى تشريعا بل هو طلب فقط.
والجواب عن الأول ان الإشكال يكون من عدم التوجه والميز بين الإرادة التكوينية والتشريعية فان التكوينية لا يتخلف عنها شيء كما في ساير الموجودات واما التشريعية وهي وقوع الفعل عن اختيار المكلف لا يلزمها الوجود حتما بل لو حصل بدون الاختيار يكون خلاف ما أراد الله تعالى بل يمكن ان يقال في التكوينيات أيضا بعضها يكون كذلك فانه تعالى أراد وجودنا في هذه البرهة من الزمان لا قبلها ولا بعدها فلو وجدنا قبل ذلك الزمان كان خلاف إرادته تعالى.
والجواب عن الثاني انه يكون أعمالنا بالاختيار وجدانا وليس يدنا كيد المرتعش