المقام الثاني في ان مقتضى إطلاق التكليف هل يكون صدوره عن اختيار بحيث لو كان عن اضطرار أو غفلة لا يسقط أم لا والكلام هنا تارة في الوضعيات وتارة في التكليفات ونحن نتكلم أولا في التكليفيات فنقول ان الخطاب مقيد بصورة كون المكلف ملتفتا مختارا عقلا ضرورة ان الغافل والمضطر لا يتوجه إليهما التكليف لأن الأول غير ملتفت والثاني لا محالة يترك لو كان مضطرا بالترك ويفعل لو كان مضطرا بالفعل ولذا يتمسك بإطلاق المادة بان يقال الغرض المتعلق بإتيان العمل الكذائي مطلق من جهة حال الاختيار والاضطرار والغفلة والتوجه فالعمل في ظرف الاختيار والغفلة له مصلحة فيكفى إتيانه حينئذ.
وقد أجابوا عنه بان كشف المصلحة يكون من جهة الاستفادة عن الهيئة وما ثبت بها ليس إلّا المصلحة في ظرف الاختيار واما ظرف الاضطرار فلا مصلحة منكشفة بها والصحيح ان يقال بان المصلحة وان كانت تابعة (١) للبعث في الوجود ولكن لا تكون تابعة له بقاء كما مر منا مرارا لأن الخطاب له دلالة مطابقية وهو ان هذا العمل تحت الأمر ودلالات التزامية وهو ان ما هو تحت الخطاب يتعلق به الإرادة والحب ويكون له المصلحة فإذا سقط دلالته المطابقية لا تسقط دلالته الالتزامية بوجود المصلحة.
__________________
(١) قد مر منا مرارا أيضا ان الخطاب منحل بحسب الافراد والفرد الّذي لم يتعلق به الخطاب لا يكون لنا طريق كشف للمصلحة بالنسبة إليه فان مصلحة طبيعي العمل لا تفيد فان الخطاب كما ينحل كذلك المصلحة بالنسبة إلى كل فرد تكون بنحو من الأنحاء كما ترى ان صلاة العاجز عن القيام أو عن غير ذلك غير صلاة من يكون له القدرة على امتثال جميع الاجزاء والشرائط فالمصلحة لمكلف يقتضى الخطاب بنحو ولمكلف آخر بنحو آخر.