والحاصل يكون في النّفس في آن واحد لحاظ امرين ولا إشكال وكذلك لا يرد على مسلك القائل بان وضع الألفاظ للمعاني يكون كالعلم الموضوع على رأس الفراسخ وانه ينزل منزلة المعنى فانه على هذا ينزّل اللفظ منزلة المعنى وكأنه يرى شيئا واحدا وهو اللفظ الموضوع والمعنى يكون من لوازمه.
واما على مسلك القائل بان الألفاظ فانية في المعاني فالإشكال وان كان واردا ولكن الجواب عنه هو ان النّفس تكون قادرة على ان توجد وتلاحظ الجهات المتعددة في آن واحد أليس ترى ان الموضوع في القضية شيء والمحمول شيء آخر والنسبة الحكمية أيضا ثالث والنّفس في آن واحد يحكم بان المحمول للموضوع (١) فهل يمكن ان يقال ان النّفس عند الحكم نسي الموضوع أو المحمول فانها في ظرف واحد ترى جميع ما قلناه ولا إشكال.
واما الإشكال على هذا الوجه بان الاستعمال لا محالة يكون في طول الوضع فالقول بأنه يحصل بواسطة الاستعمال يكون فيه الدور لأن الوضع متعلق بالاستعمال وهو على الوضع.
فهو مدفوع بان التوقف يكون في هذا اللفظ الصادر عند الاستعمال ولكن في الواقع يكون الوضع متعلقا بطبيعي اللفظ لطبيعي المعنى وهذا أحد افراد ذاك الطبيعي
في أنحاء الوضع
الوضع ينقسم إلى قسمين وباعتبار الموضوع له إلى أربعة أقسام متصورة.
اما الأول فربما قيل بأنه اما ان يكون شخصيا مثل وضع الجوامد كزيد لشخص مخصوص ورجل لاسم الجنس واما ان يكون قانونيا قياسيا مثل ضرب ويضرب وضارب
__________________
(١) أقول وهذا أنموذج من صفة من صفات الله تعالى فانه لا يشغله شأن عن شأن مطلقا والنّفس الشئون المتعددة يشغلها واما إذا كانت الجهات قليلة يمكنها ان لا يشغلها شأن عن شأن بحسب قدرتها التي أعطاها الله تعالى إياها.