الدليل الثاني لمحالية الشرط المتأخر تكوينا هو ان الشرط اما ان يكون لحاظه فهو مقرون واما يكون وجوده الخارجي وهو محال لعدمه وجدانا لا يقال معنى الشرط ان كان هو ما ينشأ منه المعلول والمشروط فلا إشكال في محالية ، تأخره وكذا ان كان متمم فاعلية الفاعل أو قابلية القابل لأنه يكون مثل المقتضى الّذي يجب تقدمه وان كان له معنى آخر فلا إشكال في تأخره وحيث يكون ما منه المشروط فيستحيل تأخره لأنا نقول ان الوجدان حاكم بان الإحراق شرطه المماسة ولا يكون هذا الشرط محرقا ومؤثرا في الإحراق بل المحرق هو النار فالشرط (١) وان كان مؤثرا ولكن لا يكون مختصا بصورة كون المشروط منشأ منه فلا يلزم من تأخره تأخر العلة عن المعلول من غير فرق بين الشروط الشرعية والتكوينية.
واما الفلاسفة والأصوليون فبعضهم قائلون بان الشرط يوجب التأثير للحصة مثلا المماسة التي تكون شرطا للإحراق توجب إحراق هذه الحصة من النار فليس كل نار محرقة بل الحصة المقرونة بهذا الشرط فبالإضافة إليه يؤثر كما ان الصوم بالإضافة إلى غسل الليل والعقد الفضولي بالإضافة إلى الإجازة يؤثران ويعقل التأثير بلحاظ طرف إضافته والشرط هو تعقب هذا العقد أو ذاك العمل بما سيأتي.
لا يقال لا يمكن ان يكون النار في اليوم محرقة بعد ما كان شرط الإحراق وهو المماسة في الغد بالوجدان فكيف يؤثر المتأخر في المتقدم لأنا نقول المدعى هو ان تأخره جائز في الشرعيات لا انه واجب والتعقب بالإجازة في العقد الفضولي مما يؤثر بعد وقوعها لا قبلها.
__________________
(١) أقول العلة اما تامة أو ناقصة والثانية تصدق عند أهل المعقول على الشرط أيضا والأولى على المجموع من الشرط والجزء وغيره فالنار بدون المماسة لا تكون علة للإحراق بل المماسة أيضا دخيلة فيه والشروط الشرعية والتكوينية يكون كذلك إلّا انه في الشرعية مر معنى التأثير والتأثر وعدم الإشكال في التأخر.