ولكن حيث أخذت فيه نفهم ان المراد هو الاستطاعة العرفية فان حصلت اتفاقا يجب الحج ولا يجب تحصيلها والفرق بين غير المأخوذ في لسان الدليل والمأخوذ فيه هو ان من شك في القدرة في الأول يجب الإقدام على العمل حتى يثبت عدم وجود القدرة واما في الثاني فلا يجب الإقدام الا بعد إحراز الاستطاعة وعليه لا يجب حفظ المقدمات المفوتة الا تخييرا وعلى الأول يجب حفظها تعيينا مثل وجوب حفظ الماء قبل الدلوك ومثل تعلّم الصلاة قبل الوقت الّذي لو لم يحصل يفوت الصلاة بفوته.
إذا عرفت ذلك فنقول ان المقدمة التي تكون شرط الواجب تكون خارجة عن محل البحث لأن المحرك هو الحكم فإذا لم يكن وجوده الا بعد وجود تلك المقدمة فكيف يمكن ان يقال يسرى منه الوجوب إليها وهذا واضح ولكن لزيادة التوضيح قد استدلوا لذلك بوجوه.
الأول لزوم الخلف من ترشح الوجوب على شرطه وذلك لأن مقدمة الوجوب متقدمة عليه بالطبع والوجوب الغيري بما انه مترشح من الوجوب النفسيّ يكون متأخرا عنه فيكون متأخرا عن مرتبة الوجوب بمرتبتين وبما ان وجوب الشيء يقع في سلسلة وجوده لزم ان يتقدم الوجوب الغيري على الوجوب النفسيّ بمرتبتين وقد فرض متأخرا عنه وهذا خلف.
الثاني لا إشكال في ان الوجوب النفسيّ لا يتحقق في الخارج الا عند وجود مقدمته فلو فرض ترشح الوجوب الغيري عليها من الوجوب النفسيّ يلزم تحصيل الحاصل لفرض تحققها حين تعلق الوجوب الغيري بها.
والثالث الدور (١) لأن وجود الحكم ـ يتوقف على وجود المقدمة ووجودها يتوقف على وجوده وهو محال.
__________________
(١) وجود الحكم وان كان متوقفا على وجود المقدمة ولكن وجود المقدمة لا يتوقف على وجود الحكم بل وجوبه والأمر بإيجاده يكون متوقفا عليه فان الوجود التكويني غير منوط بالحكم فالحق لزوم الخلف.