بعد دلالته على المادة.
والإشكال المتقدم بأنه مع ذلك لا نحتاج إلى الهيئة للتكرار مندفع بما تقدم فحينئذ بعد إمكان كلا الوجهين يرجع إلى الوجدان والتبادر وهما يحكمان بان الحروف تكون لربط خاص فحالها حال الهيئات.
ومن الأقوال في المعاني الحرفية هو القول بان الحرف لا معنى له أصلا بل وزانه وزان الإعراب في الكلمة فكما ان الكلمة في بعض أحوالها تتصل بالفتحة وفي بعض آخر إلى الضمة فكذلك زيد والدار في بعض أحوالهما وهو الظرفية يتصلان بفي الموضوع للظرفية وفي بعض الأحوال يتصل البصرة والكوفة بمن وإلى وهو حال الحركة من البصرة إلى الكوفة.
وفيه ان كان مراده عدم دلالتها على الاعراض كما هو المعروف بين أهل الفلسفة فلا كلام معه ولكن الكلام في انها تدل على الربط الخاصّ وبالملازمة تدل على خصوص النسبة أم لا وإنكار ذلك مكابرة محضة إذا لا حوال التي تطرأ على الدار فما ذا تدل عليه غير ما ذكر فلا بد اما من القول بدلالة تلك الحروف عليها أو الهيئات والثانية لا شأن لها في الدلالة بالوجدان بل شأنها التطبيق فبقي ان تكون الحروف هي الدالة على تلك الأحوال كما ان الأمر في الإعراب أيضا كذلك فان الرفع تدل على فاعلية الفاعل والنصب على مفعولية المفعول.
واما المقام الثاني أعني بيان كيفية وضع الحروف فنقول استقر آراء المتأخرين على ان وضع الحروف كوضع الأسماء عام من جهة الوضع والموضوع له والاستعمال والخصوصية تستفاد من دال آخر.
اما الوضع العام والموضوع له الخاصّ فقد أشكل عليه المحقق الخراسانيّ (قده) بان الخصوصية اما ان تكون من جهة الوجود الخارجي أو الوجود الذهني اما الأول فيرده ان المستعمل فيه كثيرا ما يكون كليا كما في متعلق الأوامر مثل سر من البصرة إلى الكوفة فان الابتداء والانتهاء غير معين يشمل كل ابتداء منه والانتهاء واما الثاني وهو