يكونان على امتثال المقدمة وتركها أم لا وقد توهم ان الاختلاف في المقام متوقف على الاختلاف في ان الثواب والعقاب هل يكونان بتفضل من الله تعالى على العباد أو استحقاقهم بعد العمل لذلك كالأجير الّذي يطلب الأجرة بعد العمل لاستحقاقه لها لاحترام عمله فان كان بالتفضل فلا إشكال في ترتبهما على ترك المقدمة وفعلها لأنه لا مانع من التفضل بالنسبة إليهما ولو لم يكن الملاك والمصلحة الا لذي المقدمة في الواقع وان كان بالاستحقاق فحيث لا يكون فيها الاستحقاق بنفسها ويمكن ان يكون لها ـ الثواب بالنسبة إلى قصد ذيها صار محل الكلام من جهة انها يكون لها ثواب لأنها في ـ دهليز العمل ويكون عند العرف من الشروع فيه أو لم يكن لها ثواب من جهة ان العمل ما لم يقع لا يكون لهذه المقدمة مصلحة وهكذا العقاب ولكن التحقيق عدم ربط البحث في الثواب والعقاب في المقدمة بكون الثواب والعقاب تفضلا أو على نحو الاستحقاق وان كان الحق عندنا هو ان العقاب والثواب لا يكونان بالاستحقاق فان الإنسان وجوده وشئون وجوده يكون من خالقه تعالى ومعطي وجوده ولا يكون له شيء أصلا لأن القدرة على العمل أيضا تكون من منّ من منّ على الناس كلهم وعلى ساير الموجودات فكيف يقاس المقام بمقام فعل الأجير للمستأجر واستحقاقه الأجر به نعم يحدث للعبد استعداد حين العمل للتفضل عليه فمن يعمل حسنة يستعد لأن يدخل مرتبة من الجنان ومن يكسب خطيئة يستعد لأن يدخل النار ليذهب عنه دنس المعاصي فعذابه وثوابه كلاهما فضل منه تعالى.
فالنزاع بين القائلين بان ذلك بالاستحقاق أو بالتفضل لفظي لأن المراد بالاستحقاق ان كان هو الاستعداد فهو يكون بنحو ما عنيناه من التفضل بواسطة الاستعداد لذلك وجعل النّفس في مقابل إشراق شمس الحقيقة (١) ورفع ظلمتها به والحاصل الاستعداد
__________________
(١) أقول ولا يخفى ان هذا بحث كلامي غير مربوط بالأصول ولا الفقه ضرورة ان وجود الثواب والعقاب لعمل لا يكون له ثمرة فقهية بل ما هو المهم إثبات الوجوب وعدمه في هذا المقام ووجوب الثواب والعقاب تابع لمتابعة التكليف ومخالفته فان ثبت الوجوب من ناحية ـ