المقام الثاني في هذا الباب هو ان في باب التعارض لا يكون للعقل حكم بتقديم أحد الطرفين لعدم سبيل له إلى كشف الملاك الا بالخطاب وهو متكاذب بل الشرع بين ان المقام يكون المرجح له وهو الأوثقية والأشهرية وغيرهما واما في باب التزاحم فحيث يكون الملاك منكشفا فالمناط على أقوى الملاكين بحكم العقل أو التخيير ـ العقلي إذا كانا متساويين وفتوى المجتهدين يكون التخيير فيه من جهة التزاحم لا ـ التعارض ومن الطرق لتقديم أحد الطرفين مثلا أيضا ملاحظة ما له البدل مثل الوضوء مثلا وما ليس له البدل مثل تطهير الثوب.
ثم ان شيخنا النائيني (قده) قال بان (١) في بعض الموارد لا يكون الإشكال في مرحلة الجعل مثل العامين من وجه فان جعل التكليف في المورد الخاصّ الّذي هو مورد الاجتماع يكون لغوا في مقام الجعل بخلاف الصورة التي يكون التزاحم اتفاقيا مثل ـ الصلاة والغصب والجواب عنه (قده) هو ان الاتفاقي أيضا يكون جعله لغوا لانحلال ـ التكليف في لب الواقع فان الشارع حين جعل التكليف يرى انه في صورة عدم قدرة العبد لا يمكن تكليفه وهو (قده) قائل بالانحلال أيضا ولا يقول بان التكليف يكون على ـ الطبيعي فعند مزاحمة الصلاة بالإزالة في ضيق الوقت أيضا لا يمكن التكليف بكليهما كما انه لا يمكن في صورة غرق الابن والعبد الأمر بإنقاذهما معا.
فان قلت يمكن جعل التكليف في هذه الصور وثمرته يظهر في صورة الترتب فانه
__________________
(١) هكذا كان التلقي في الدرس ولكن الصلاة والغصب أيضا يكون التزاحم فيهما اتفاقيا في مورد الجمع ولعله وقع هنا سهو في البيان وفي تقريرات بحثه مد ظله المثال للدائمي بوجوب الصلاة إلى القبلة وحرمة استدبار الجدي فان التزاحم دائمي لعدم الجمع بينهما أصلا فان وجوب الصلاة إلى القبلة لا يجتمع مع حرمة استدبار الجدي لأنه لا بد منه ليحصل الاستقبال وهذا المثال أيضا لا يكون التزاحم فيه دائميا إلّا إذا فرض الحرمة في خصوص حال الصلاة وإلّا فعلى فرض إطلاق الحرمة لغير حالها فهو من العام والخاصّ ولهما جمع عرفي.