التنبيه الثاني
في انه لا فرق في جريان الترتب فيما كان الواجبان آنيين مثل إنقاذ غريقين في آن واحد أو تدريجيين كما في الإزالة والصلاة وقد أشكلوا على الأول بندرة الوجود لأنه لا يمكن ان يكون الواجبان في آن واحد فلا ثمرة للترتب هنا فيبقى الثاني وانه وان كان من الممكن جريانه فيه ولكن حيث ان الأمر بالمهم يكون بعد عصيان الأمر ـ بالأهم ولا يتحقق العصيان الّذي هو شرط الأمر بالمهم الا بعد امتثال المهم فيكون من ـ الشرط المتأخر وعلى فرض كون الشرط المتأخر محالا فلا يمكن الترتب لعدم حصول شرط الأمر بالمهم فلا يكون عليه الأمر فلا يصح العمل.
ولا يمكن إصلاح ذلك بما ذكره القوم تبعا لصاحب الفصول (قده) من ان الشرط هو التعقب بذلك فيكون الشرط مقارنا للمشروط لا المتأخر الآن التعقب يكون لحاظه مقارنا لا نفس الشرط والبحث في باب الترتب يكون في صورة عدم وجود دليل على ذلك في لسان الشرع بان يقال مثلا ان عصى كذا فيكون الأمر على كذا حتى يصلح بان ـ الشرط يكون هو التعقب كما يقال في مثل اشتراط صحة الصوم بالأغسال الليلية بل يكون في صورة حكم العقل فقط بعد كون الخطابين فعليين مع فعلية الملاكين ونكون في صدد إحراز الحكم بواسطة تصوير إمكان الترتب.
فالصحيح ان يقال انه على فرض القول بعدم الإشكال في الشرط المتأخر مثل باب الإضافات كإضافة الشخص إلى ولده الّذي لم يتولد وإلى ملكه الّذي زال عنه ملكيته فلا إشكال في المقام أصلا لأن مقتضى الجمع بين الخطابين هو القول بذلك واما على فرض عدم القول بإمكان الشرط المتأخر فنقول أي دليل لكم على ان التعقب بالقدرة في ـ التكاليف التدريجية لا يكفى لفعلية التكليف على ان بناء العقلاء في جميع أمورهم على ان القدرة تحصل فيما سيجيء أو هي باقية ويشرعون في العمل بواسطة الاستصحاب ـ القهقرى مع وجود احتمال الموت يقينا الّذي يسلب به القدرة مطلقا أو ساير المحاذير.