فعلى التحقيق من اعتبار استعمال للفظ في مثله يكون هذا اللفظ الصادر مثل إياك نعبد فانيا (١) في اللفظ الصادر عن جبرئيل فان القرآن هو لفظه ولا يكون إنشاء المعنى بهذا اللفظ من عند النّفس قرآنا فلو أردنا معنى إياك نعبد وصدر عنا هذه العبارة ما قرأنا القرآن ومن لم يفهم معنى استعمال اللفظ في مثله قال في أمثال هذا ان إنشاء اللفظ بعد إرادة المعنى فقط لا إشكال فيه ولا يلزم الفناء في لفظ جبرئيل.
في عدم دخل الإرادة في الموضوع له
الحق عدم دخل الإرادة بأي نحو منها في وضع الألفاظ للمعاني بل اللفظ موضوع لذات المعنى من غير دخالة شيء فيه فان الإرادة على ثلاثة أقسام لا يعتبر في الوضع شيء منه.
الأول الإرادة الجدية وهو ان يريد اللافظ معنى اللفظ بماله من الواقع والإرادة.
التفهيمية مثل استعمال العام عند إرادة مجيء القرينة المنفصلة فانه بإلقاء
__________________
(١) في أمثال المقام لا يكون لنا حاكيا ومحكيا حتى يكون اللفظ الصادر عنا حاكيا وما صدر عن جبرئيل محكيا ضرورة ان مثل الشيء لا يكون فانيا فيه بل يكون فرد مثله ويتعلق النّظر بإيراده بعبارة مخصوصة مستقلا ويكون هذا امرا قصديا فانا إذا قصدنا بعبارة إياك نعبد ما صدر عن جبرئيل يصير قرآنا كما ان الأدعية أيضا كذلك مثل ما في دعاء الكميل إلهي وربي من لي غيرك أسأله كشف ضري فانه يصير من دعاء الكميل إذا قصدت به ما صدر عن علي عليهالسلام ولا إشكال في قصد المعنى عن العبارة بعد القصد.
لا أقول إنشاء المعنى بقصد القرآن قرآن بل إنشائه وقصده بعبارة مخصوصة مقيدا بها يكون قرآنا فلا يكفى في مقام إياك نعبد انما نعبد إياك ولو فهم المعنى منه أيضا ولا يكفى قول القائل إياك نعبد من غير قصد القرآن والحاصل قصد المعنى لا يضر بالقرآن بل هو الموجب للخضوع والخشوع.