المدار كله على إثبات كون المحمول سنخا سواء كان الشرط محقق الموضوع أم لا.
فان قلت مقتضى الأدب هو عدم المفهوم للشرط المحقق للموضوع. قلت هذا صحيح ولكن في المقام خصيصة وهي ان تناسب الحكم والموضوع يحكم بأن التبيّن هنا يكون بالنسبة إلى الفاسق لعدم الأمن من كذبه واما العادل حيث يكون مأمونا فلا يكون التبين بالنسبة إليه وبهذا يثبت ان المحمول يكون سنخا ولو كان المفهوم مفهوم الوصف والشرط محقق للموضوع وكل مورد كان كذلك يكون مفهومه حجة.
الإشكال الثاني هو ان ذيل الآية وهو قوله أن تصيبوا قوما بجهالة يمنع عن أخذ المفهوم لأن العلة لوجوب التبيّن إصابة القوم بجهالة وتصديق العادل أيضا يكون فيه احتمال عدم المطابقة مع الواقع والعادل وان كان مأمونا عن الكذب ولكن لا يكون مأمونا عن الخطاء فيحتمل ان لا يطابق خبره الواقع فتحصل الندامة بقبول قوله فيكون خبره أيضا واجب التبين فلا تدل الآية على حجية خبر العادل.
والقول بأن عموم العلة يخصص بخبر العادل لا وجه له لأن التخصيص فرع الحجية.
والجواب عن هذا الإشكال أولا هو أن الجهالة تكون بمعنى السفاهة في المقام لأن تناسب الحكم والموضوع يحكم بأن إصابة القوم بجهالة بالنسبة إلى الفاسق يكون من جهة ان الناس يلومون من يعمل بخبر الفاسق ويرونه خارجا عن زيّ العقلاء واما من عمل بخبر العادل فلا يكون كذلك فانهم لا يلومون من عمل بخبره فالندامة أيضا ترجع معناها إلى الملامة فيكون العامل بخبر الفاسق ملوما دون العامل بخبر العادل والجهل لا يكون هنا في مقابل العلم ولا يكون الملامة لمخالفة الواقع وموافقته فان خالف الواقع يكون للعامل ندامتان ندامة لقبول قول الفاسق وندامة لخلاف الواقع وان وافق الواقع فندامة واحدة وهي للخروج عن زيّ العقلاء بهذا العمل وعلى هذا يقال الآية تكون إرشادا إلى ما حكم به العقل ولا تكون مستقلة في جعل الحجية فالسند في الواقع بنائهم.