من انه لا بد له من تخصيص دليل الأمارة في مورد الأصل وهو يتوقف على بقاء موضوعه وبقاء موضوعه يتوقف على كونه مخصصا ومما ذكرنا ظهر أن المسلك الثالث وهو مسلك الخراسانيّ قده (١) في الأمارة من باب جعل الحجة والحجية غير تام ولا يتم الحكومة والورود بالنسبة إلى الأمارات فنضرب عنه الذّكر اختصارا.
الأمر الثاني
من الأمور التي تقدم البحث عنه هو انه ربما توهم ان البحث عن ان الأصل في صورة الشك في التكليف البراءة أو الاحتياط متوقف على البحث عن ان الأصل في الأشياء هل يكون الحذر أو الإباحة فلو قلنا ان العقل يحكم بالحذر لا بدّ من القول بالاحتياط ولو قلنا أن الأصل هو الإباحة فهنا أيضا يكون الأصل هو البراءة فالبحث هو البحث ولا يلزم التكرار.
وقد أجيب عنه بأن المقام يكون البحث عن الحكم الظاهري وهناك كان البحث عن الحكم الواقعي فيمكن ان يقال بأصالة الإباحة بحسب الواقع وبأصالة الاحتياط بحسب الظاهر أو يقال بالحذر في الواقع والبراءة في الظاهر ولا تلزم من اختيار الحذر هناك اختيار الاحتياط هنا وهكذا بالعكس وفيه انه ان كان العقل مستقلا بالحذر فكيف يمكن ان يقال بالبراءة مع أن موضوعها هو الشك وفي صورة الحكم الاستقلالي من العقل لا وجه في القول بها لعدم بقاء الموضوع وهكذا لو كان الأصل يقتضى الإباحة وحكم العقل مستقلا به فلا يبقى شك ليحتاط فان ضرب اليتيم وظلمه يكون قبيحا عقلا ولا يكون له وجه للجواز الشرعي إلّا إذا كان الضرب
__________________
(١) أقول يرجع لفهم مسلكه قده في حاشيته على الرسائل في ذيل التعادل والتراجيح ص ٣١٧ وفي ذيل الاستصحاب كما أشار إليه قده في هذا الموضع من شرحه وتعرض له مد ظله في الدورة الأولى وقررناه في تلك الدورة وفيها مطالب أخر أيضا.